يبدو أن الجزائر جعلت من معاكسة مصالح المغرب ووحدته الترابية هدفًا محوريًا لجهودها الدبلوماسية، حيث لا تدّخر جهدًا في استغلال مختلف الواجهات السياسية والمؤسسات الإقليمية والقارية لتحقيق هذا الغرض، بدءًا من وزارة الخارجية، ومرورًا بسفرائها وقناصلها، وصولًا إلى ممثليها داخل أجهزة الاتحاد الإفريقي.
أحدث مظاهر هذه التحركات تمثل في انتخاب سلمى مليكة حدادي كنائبة لرئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، وهو المنصب الذي لم تنتظر طويلًا لتبدأ استغلاله في خدمة أجندة النظام الجزائري المعروف بعدائه لوحدة المغرب الترابية. فبعد أيام قليلة من توليها هذا المنصب، بادرت حدادي إلى استقبال وزير خارجية الجزائر، أحمد عطاف، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، على هامش الدورة غير العادية الرابعة والعشرين للمجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي، في خطوة وُصفت بأنها بداية لتنزيل الأجندة السياسية داخل أروقة المنظمة القارية.
وفي سلوك اعتبره متابعون تجسيدًا واضحًا لاصطفاف الاتحاد الإفريقي مع أجندات دول بعينها، استقبلت حدادي بعد يومين فقط من لقائها بعطاف، ما يُسمى بوزير خارجية “الجمهورية الصحراوية”، محمد يسلم بيسط، بمقر الاتحاد الإفريقي نفسه، وتبادلت معه “وجهات النظر حول قضايا إفريقية ذات اهتمام مشترك”، حسب ما ورد في البلاغ الرسمي، في حين اعتبر المراقبون هذا اللقاء محاولة مكشوفة لشرعنة كيان انفصالي لا يعترف به غالبية المجتمع الدولي.
وتأتي هذه الخطوات في وقت تعاني فيه الجزائر من عزلة متزايدة داخل محيطها الإقليمي، بعد خلافاتها مع عدد من دول الجوار، مثل مالي ودول الساحل، التي اتهمتها بشكل مباشر بدعم جماعات مسلحة تزعزع الاستقرار في المنطقة. كما يتّهمها اتحاد دول الساحل برعاية الإرهاب في هذه البقعة الحساسة من القارة.
ورغم الحراك الدبلوماسي المكثف الذي أطلقته الجزائر، خصوصًا بعد تجديد الولايات المتحدة الأمريكية اعترافها بسيادة المغرب على صحرائه، إلا أن تحركاتها تبقى محصورة داخل نطاق المعسكر التقليدي الذي ظل يدور في فلك أطروحتها الانفصالية. في المقابل، تواصل الدبلوماسية المغربية توسيع رقعة دعمها داخل القارة، حيث تكسب مزيدًا من التأييد الدولي لمقترح الحكم الذاتي كحل جدي وواقعي للنزاع.
وبينما تواصل الجزائر تسخير مواقعها داخل مؤسسات الاتحاد الإفريقي لتكريس أجندة انفصالية، يتأكد يومًا بعد يوم أن العزلة السياسية التي تحيط بها تزداد اتساعًا، مقابل تصاعد المد الدبلوماسي المغربي داخل إفريقيا وخارجها، مستندًا إلى شرعية تاريخية وسياسية تحظى بدعم واسع من المجتمع الدولي.

التعاليق (1)
هذه الاغنية استعملت منذو 50سنة ومنذو كان النفط يساوي 150 دولار واليوم 58 معندهمش الهيبة كما قال السيد اشنورنوبل