إطلاق عملية عسكرية كبرى لكسر النفود الجزائري على حدود مالي وفي التفاصيل، في تحرك عسكري واسع يحمل دلالات جيوسياسية عميقة، شرعت مجموعة “فاغنر” الروسية، بتنسيق وثيق مع الجيش المالي وقوات إفريقية مساندة، في تنفيذ عملية عسكرية شاملة شمال مالي، تستهدف السيطرة الكاملة على الشريط الحدودي المحاذي للجزائر، في خطوة وُصفت بأنها حاسمة نحو استعادة السيادة الوطنية وترسيخ الأمن في منطقة الساحل.
العملية، التي انطلقت من قاعدة باماكو في 20 أبريل 2025، جاءت بناءً على طلب رسمي من الحكومة المالية، وفقاً لما أكدته وثيقة صادرة عن مجلس قادة “فاغنر”.
وتوضح الوثيقة أن الهدف الأساسي من هذه الحملة العسكرية هو دعم الدولة المالية في مواجهة الجماعات المسلحة ذات النزعة الانفصالية والإرهابية، التي تنشط في الشمال وتتخذ منه نقطة انطلاق لتهديد أمن واستقرار البلاد.
وتكشف المعلومات الميدانية عن تحول شمال مالي خلال السنوات الأخيرة إلى بؤرة نفوذ لمليشيات مسلحة يُعتقد أنها تتلقى دعماً مباشراً أو غير مباشر من الجزائر، في سياق توظيف الصراعات العرقية والهوياتية كوسيلة ضغط إقليمي على خيارات باماكو السيادية. هذا الواقع المعقد دفع السلطات المالية إلى البحث عن شراكات أمنية أكثر فاعلية، تتجاوز النهج التقليدي الذي مثّله الوجود الغربي دون نتائج ملموسة.
ويرى مراقبون أن التدخل الروسي عبر “فاغنر”، والذي يتم تحت إشراف مباشر من الجيش المالي وضمن احترام تام لسيادة الدولة، يمثل تحولاً في معادلات القوة بالمنطقة، إذ لم يعد مقبولاً بالنسبة للسلطات المالية أن تظل رهينة التحركات الدبلوماسية البطيئة والتقارير الدولية غير الملزمة. فالمرحلة، وفق ما تؤكده الوثيقة الموقعة من طرف قائد لواء يُدعى “سالم”، تقتضي حسم الأمور ميدانياً، واستعادة الدولة لزمام المبادرة على الأرض.
وتعد هذه عملية عسكرية بمثابة إعلان صريح عن نهاية مرحلة التساهل مع التدخلات الخارجية، خاصة من الجزائر التي يُتهم جزء من أجهزتها بدعم الانفصال وتمويل حركات متمردة لزعزعة استقرار مالي. كما تحمل هذه الخطوة رسالة قوية إلى كافة الأطراف الإقليمية بأن السيادة الوطنية أصبحت خطاً أحمر، وأن الدولة المالية عازمة على استرجاع كامل نفوذها على أراضيها، باستخدام كل الوسائل المشروعة، بما فيها القوة العسكرية.
في المحصلة، تشير هذه العملية إلى بداية فصل جديد في منطقة الساحل، يتسم بالفعل الحاسم وتغيير موازين النفوذ، مع بروز شراكات أمنية جديدة أكثر توافقاً مع تطلعات الدول الإفريقية في حماية وحدتها الوطنية، بعيداً عن منطق الوصاية والمصالح الخارجية.
التعاليق (0)