بقلم: د. أحمد الدرداري
تتعرض بين الفينة والأخرى رموز المملكة المغربية وبعض القنصليات والسفارات في الدول الأوربية لهجوم أشخاص متشبعين بثقافة العنف والتهجم على رموز المغرب بهدف ايصال فكرة كون اوربا منحتهم حصانة الردة الوطنية ضد أوطانهم تحت مسمى حرية التعبير وحرية التمرد وارتكاب أفعال ضد وطنهم وتحت تأثيرات عدة منها الارتماء في أحضان ممولي الانفصال أو الانتقام لتطبيق القانون ضد من ارتكبوا أفعالا جنائية وتعرضوا لعقوبات حبسية، وهذا يبين سقوط قناع الخونة الذين اغتروا بالتمويل المغرض من طرف أعداء الوطن الذين يسجل التاريخ أسماءهم ليقصصهم على الأجيال القادمة على أساس أنهم كانوا من فيروسات أمتهم وأوطانهم وتنكروا لانتمائهم ولفضل وطنهم عليهم، بل فضلوا هوية مزيفة لا تنفعهم في الجلوس من يحملون هويتهم الحقيقية شيئا. فكل شخص ولد فوق تراب دولة اه حقوق وعليه واجبات طبقا للقانون الوطني، ولا يمكن لاي شخص ينتمي لوطن بالولادة ويواجه وطنه بقانون وطن آخر ، اللهم اذا كان الشخص هو الدولة فان القانون الدولي هو الاطار الذي يحتكم اليه .
هذا وتطرح في هذا الاطار مسؤولية حماية الدول الاوربية لمؤسسات دول محصنة ديبلوماسيا، والقبول بهذا فوق أراضيها كأنها تريد القول أنها تضمن حقوق نقل الصراع بين الدول فوق أراضيها، اضافة الى استقبال الانفصاليين والخونة وتجندهم وتجنسهم للانتقام من وطنهم بطريقة مباشرة وغير مباشرة لما لذلك من ارتباط بقضايا تتضارب فيها المصالح أو لاتخاذ قرارات تتعلق بمصلحة الوطن العليا. وعليه فإن التعاون في مجال مكافحة الارهاب الذي يستهدف اوربا لا يمكن ان يقابل بقبول أفعال مشابهة، مما يتوجب مقارعة اوربا بالمقاربات الامنية التي تمنع العنف بجميع أشكاله الديني والسياسي .
إن كل أشكال الاساءة للمغرب تقف وراءها مواقف عدوانية لخصوم الوحدة الترابية الصريحة والضمنية والتي تستهدف أوتادها المتمثلة في استهداف رموز المملكة المغربية بشكل ممنهج وبمباركة بعض صانعي القرار في الدول الاوربية، ولتجنب تحمل المسؤولية يتم الاختباء وراء المواقف الرسمية. فهل تقبل دولة اوربية بأن يتم تسخير أحد مواطنيها للاعتداء على علم وطنه في بلد أجنبي؟ أم ستعتبر ذلك خيانة ؟ وهل هناك مواطن في اوربا ضد وطنه بالوكالة في دول اوربا يتم استقباله في المغرب ومنحه ضمانات بهذا الشكل ؟ وهل توجد دولة اوربية تقبل بانتزاع علم بلادها من فوق بناية سيادية ومحصنة بالقانون الدولي وملقى على عاتق الدول الموجود فوق أراضيها حمايتها، وحماية رموز دول تعترف بها فوق ترابها وتتعامل بواسطتها في زمن السلم والحرب؟ معلوم أن عسكريا برتبة جنرال على عهد هتلر النازي فر الى ابريطانيا طالبا اللجوء السياسي، ولما حاول البريطانيون أن ينتزعوا من معلومات تتعلق بوطنه المانيا رفض على أساس أنه ليس خائنا. والعكس في مجتمعات العالم الثالث فالخيانة رخيصة والوطنية مكلفة أكثر.
ان تكرار الأفعال الماسة برموز الدولة يتطلب فتح نقاش جاد مع حكومات الدول الاوربية التي ترعى الانفصاليين ومنع نقل الصراع من مكانه الجغرافي والمؤسساتي الدولي فوق اراضيها وبمساعدة مؤسسات تدعي انها حقوقية فين هي سياسية، والقطع مع التصرف الشخصي الذي يصادر اختصاص المؤسسات الدولية ويعرض سلامة الأشخاص المعنويين والطبيعيين للخطر، ذلك أن الحرب لها ساحة يحتكم فيها للعسكري، والديبلوماسية لها ساحة يحتكم فيها الخصوم للذكاء والانتصار بالوسائل السلمية. كما أن المواطنين الذين يعتزون بوطنيتهم وبانتمائهم لمغربهم لهم من وطنهم العرفان، والانفصاليين يجب أن يعاد النظر في وضعيتهم كمواطنين ويمكنهم أن يختاروا وطنا يأويهم وتنتهي صلتهم بوطنهم الأصلي اذا قرروا خيانته ولم يعد صالحا في نظرهم، واذا الشخص مغربي مجنس بجنسية دولة أخرى وتعارضت سلوكات الجنسيتين فليختار احداهما، وأن يطبق القانون الجنائي الخاص بين الدول وتبادل الخونة والمجرمين .
والملاحظ أنه كلما تقدم المغرب خطوة الا وتصاعدت عدوانية الخصوم، حيث أصبح المغرب يضرب به المثل في المجال الامني و حماية الأشخاص الدوليين و بنايات الدول فوق ارض المملكة، بالرغم من ان حراس سفارات الدول في المغرب من جنسية دول اوربية يتوفرون على السلاح، واذا اعتدى شخص على علم دولة اسبانيا أو ألمانيا أو فرنسا أو بلجيكا أو …. فالاكيد سوف يطلق عليه الحارس الرصاص الحي ويفتح تحقيق في الموضوع ومتابعة كل من له صلة بالهجوم وتتم المحاكمة بحضور مسؤولي الدولة الأجنبية و وسائل الاعلام حتى تكون عبرة. أما بالنسبة لدول ما تزال تتسلق سلم التقدم والتطور فهي مطوقة بكثرة الانتقادات وتجنيد المنظمات الحقوقية الداعمة للانفصال والمساس بالوحدة الترابية بهدف التشويش حلى مكانة الدولة والانتقاص من أهليتها وحتى لا تكون صاحبة القرار السيادي الكامل على ثرواتها ومستقبلها، ولو فتح تحقيق في موضوع انتزاع العلم الوطني من فوق بنايته السيادية والمساس برموز الوطن لتم اكتشاف تآمرات الاعداء والخصوم الذين لم يبقى أمامهم الا الضرب بالحجارة بعد فشلهم في النيل من الوحدة الترابية والسياسية التي تميز المغرب والخطوات الحثيثة التي يسير عليها بثبات.
ان من يقوم بالهجوم على رموز الوطن كالقنصليات والسفارات وراية الدولة يمكنه أن يقوم بأي عمل ارهابي مادام متمسك بالحقد والعدوانية، ويمكنه أن يزداد لديه فيتحول الى عمل مميت لطواقمها، وعلى الدول الاوربية واجب حماية منشآت الدول فوق أراضيها ما دام المغرب يحمي ظهرها من الأنشطة الارهابية ويدلها على أماكن تواجد الخطر وينقذ أرواح مواطنيها من مجازر وكوارث في الأرواح والممتلكات باهضة الثمن، وديبلوماسية تقابل الأخطار والتصدي المتبادل لها هو السبيل لمحاصرة الجريمة ولتعاون في مجالات كثيرة ومنها إنهاء التعامل مع المجرمين ومنع تصريف صراع الأعداء والخصوم فوق أراضيها وباسم ديمقراطيتها لاسيما مع وجود القانون الدولي والوطني.