المصدر: الصحيفة
كشفت وزارة الفلاحة والصيد البحري، عن وجه جديد من أوجه الخلاف المغربي الإسباني منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتراف بلاده رسميا بالسيادة المغربية على الأقاليم الصحراوية، وذلك بعدما أعلنت عن شروع المملكة في المراحل الأخيرة من عملية اقتناء السفينة الأوقيانوغرافية الجديدة المخصصة للبحث العلمي، والتي سيتم جلبها من اليابان، وهي السفينة التي ستعمل على طول الشريط الساحلي للمغرب بما في ذلك الحدود البحرية للسواحل الجنوبية المطلة على جزر الكناري.
وحسب المعطيات، فإن الأمر يتعلق بأحدث طراز من هذه السفينة المتطورة البالغة قيمتها 480 مليون درهم التي يراد لها أن تكون مختبرا عائما للملاحظة والتنقيب بالمحيطات، والتي جرى تسليمها مؤقتا على مستوى ورش بناء السفن المكلف بالمشروع في أوكوياما اليابانية، مبرزة أن الخطوة تدخل في إطار توجهات استراتيجية “أليوتيس” التي تعتبر تعزيز البحث العلمي في مجال الصيد البحري من بين أهدافها.
وسيشمل نشاط هذه السفينة كل الحدود البحرية للمملكة، الأمر الذي يعني أن الأمر يتعلق بالحدود التي جرى ترسيمها في بداية العام الجاري من طرف المملكة بعد اعتماد نصين قانونيين يحددان المياه الإقليمية للمغرب ومنطقتها الاقتصادية الخالصة جنوبا، على مسافة 200 ميل بحري من عرض المحيط الأطلسي، وهو ما أدخل الرباط في صراع مصالح اقتصادية مع مدريد كونه سيتداخل مع مناطق نفوذ جزر الكناري الحالية.
وتفسر هذه الخطوة الرفض الإسباني الرسمي لقرار ترامب الاعتراف بمغربية الصحراء، والذي دفع وزيرة خارجية مدريد أرانتشا غونزاليس لايا إلى الاعتراف بفتح قنوات تواصل مع إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن من أجل إقناعه بالعدول على القرار، حيث إن الاعتراف الأمريكي سيعني بشكل مباشر حق المغرب في ترسيم حدوده البحرية وفق القانون المعمول به دوليا، أي أن نفوذه سيمتد إلى جبل تروبيك الغني بالموارد الطبيعية.
وتأتي الخطوة المغربية لفرملة خطوة مماثلة تقوم بها إسبانيا، والتي كشف عنها حزب “بوديموس” المشارك في الحكومة الائتلافية أواخر شهر أكتوبر الماضي داخل البرلمان، حين تحدث عن قيام السلطات الإسبانية بأبحاث جيولوجية في جبل “تروبيك” البعيد عن جزر الكناري بحوالي 463 كيلومتر، وهو ما يمثل خرقا للاتفاق الذي ربط وزيرة الخارجية الإسبانية بنظيرها المغربي ناصر بوريطة، الذي يفرض اتفاق البلدين حول أي خطوة تتم في هذه المنطقة.
ويفسر هذا التطور أيضا التعثر الذي تعيشه القمة رفيعة المستوى الـ12 بين المغرب وإسبانيا التي كان يفترض أن تحتضنها الرباط في 17 دجنبر الجاري، قبل أن يجري الإعلان عن تأجيلها رسميا في اليوم نفسه الذي أعلن فيه ترامب عن اعترافه بمغربية الصحراء، والتي لا زال مصيرها غير معلوم بالرغم من إعلان مدريد تنظيمها في فبراير المقبل، إذ لم تؤكد المملكة استعدادها لاستقبال أعضاء حكومة بيدرو سانشيز إلى غاية اليوم.
وكان جبل “تروبيك” على الدوام مطمعا للحكومة المركزية في مدريد وحكومة الكناري الإقليمية، حيث إنه غني بالمعادن وعلى رأسها 10 في المائة من الاحتياطي العالمي من “التيلوريوم” المستعمل في صناعة ألواح الطاقة الشمسية والإلكترونيات، ومخزون ضخم من “الكوبالت” المستخدم في صناعة السيارات والصناعات العسكرية، وهي مواد أضحى المغرب شريكا لإسبانيا في أحقية استغلالها بناء على الترسيم الجديد للحدود البحرية.