أنا الخبر ـ العلم
انفجرت قنبلة كبيرة في وجه المسؤولين الترابيين والمركزيين بإعلان إصابة 539 إصابة جديدة بفيروس كوفيد-19 خلال أربعة وعشرين ساعة الماضية على الصعيد الوطني، وهو أعلى معدل إصابات يسجل في المغرب منذ بداية انتشار الوباء، ويضاعف أعلى عدد في الإصابات الذي كان قد سجل بتاريخ 17 أبريل الماضي حيث وصل عدد الإصابات يومها إلى 289 حالة. ويتعلق الأمر بارتفاع مهول جدا لم يكن أحد يتوقع تسجيله، مما يؤشر على فشل مقاربة تدبير الجائحة على مستوى البؤر المهنية بالخصوص.
وبزيادة هذا العدد الهائل انتقل عدد المصابين الذين يتلقون العلاج إلى 1200 مصاب، وهو رقم قياسي أيضا.
وبالعودة إلى هذه الزيادة المفزعة يتبين أن 457 حالة إصابة سجلت بجهة الرباط القنيطرة، وتحديدا في بؤرة فلاحية تهم ضيعة كبيرة لإنتاج فاكهة الفراولة بمنطقة للاميمونة بإقليم القنيطرة، وهي النقطة التي بدأت بتفريغ الإصابات الجديدة منذ أيام.
وفي التفاصيل تفيد التحريات أن الأمر يتعلق ببؤرة فلاحية تشتغل فيها أكثر من 3000 عاملة، والأخطر في الأمر أن عدد المشكوك في أصابتهم بالعدوى قد يكون غير معروف، لأن العاملات الفلاحات بمثل هذه الوحدات لسن معروفات، لأن العمل فيها يتم عن طريق ما يصطلح عليه (بالموقف) بحيث كل يوم تشغل عاملات لسن بالضرورة هن اللائي يشتغلن في الأيام الموالية، وهن لسنا مسجلات في صندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
كما أن وسائل النقل التي تتكلف بنقل العاملات لا يقتصر عملها على ضيعة واحدة، بل قد تتكلف بنقل عمال و عاملات آخرين يشتغلون في وحدات أخرى، بمعنى أن العدوى قد تطال عمال وعاملات آخرين يشتغلون في وحدات فلاحية وصناعية أخرى.
كما أن العاملات في هذه البؤر ينحدرن من عدة مدن مجاورة للا ميمونة خصوصا مدن القنيطرة و العرائش ووزان وسوق أربعاء الغرب والقصر الكبير وغيرها، وكل هذا قد يعني أن عدد الذين طالتهم العدوى مرشح للارتفاع خلال الايام القليلة المقبلة، وهذا ما يزيد من حجم المخاوف.
وفي هذا السياق علمنا أن مئات التحاليل التي أجريت على عاملات أخريات بنفس المنطقة لم تظهر نتائجها بعد، ويفهم من تصريح وزارة الصحة الذي أدلت به مصالحها مساء اليوم أن هذه الوحدات المهنية لم يراع المسؤولون عليها التدابير الاحترازية فيما يخص التباعد الاجتماعي والنظافة والتعقيم وحمل الكمامة، مما يطرح تساؤلات عريضة عن دور المراقبة الذي تقوم بها السلطات المحلية بمنطقة للاميمونة.
ويذكر أن البؤر المهنية الخطيرة التي تناسلت منها الإصابات بأعداد كبيرة ظلت تشتغل في ظروف شبه عادية رغم حالة الطوارئ الصحية، ولم يتم إغلاقها ولا حتى مراقبتها، وهذا ما يؤكد فشل التعامل مع انتشار هذا الوباء الخبيث، في حين فرضت تدابير مشددة على المواطنين العاديين الذين أصبحوا يعانون من ظروف العيش الصعبة بسبب هذه التدابير.
إن السؤال يطرح فيما يتعلق بتحديد المسؤولية فيما جرى وترتيب النتائج، لأنه في الوقت الذي أمطر فيه المسؤولون الرأي العام الوطني بتعابير إنشائية تدعي التحكم في الوضع والسيطرة عليه.
ها هي بلادنا تسجل مستويات قياسية في معدل الإصابات، في حين بدأت الحياة تعود إلى طبيعتها في جميع دول الجوار والمنطقة، لذلك لا بد من المساءلة عما جرى وتقديم توضيحات شافية للرأي العام عِوَض الاكتفاء بشخص يستعرض ما حفظه من أرقام كل مساء بطريقة متخلفة ومملة.