أنا الخبر ـ الصحيفة
يعيش المغاربة منذ أسبوعين بترقب شديد عما ستسفر عنه تطورات فيروس كورونا المستجد في البلاد، بعد ظهور العشرات من الحالات، وتزايدها في الأيام الأخيرة بأزيد من 50 حالة مؤكدة في اليوم، الأمر الذي يدفعهم لطرح السؤال الأبرز، هل نجا المغرب من وباء “كورونا” بعد الإجراءات الاستباقية التي قام بها، أما أن انتشار الفيروس مازال في بدايته؟
وحسب عدد من المراقبين والمتتعبين لما يجري في المغرب، فإن الوضع أصبح معقدا ويصعب التكهن بما سيحدث في اليوم الموالي، فهناك تداخل الآن بين المعطيات الإيجابية والمعطيات السلبية على أرض الوقع، وقد زاد انكماش وزارة الصحة في جحرها، وعدم شرح الوضعية بدقة، في هذا الغموض الذي يتدحرج بين النجاة والموت وفق تعبير عدد كبير من النشطاء المغاربة.
في هذا التقرير، ترصد “الصحيفة” المعطيات الإيجابية ونظيرتها السلبية، التي تقف وراء صعوبة معرفة ما إن كان المغرب قد نجا من كارثة وباء كورونا المستجد “كوفيد 19″، أم أن الوضع سيزداد سوءا في مقبل الأيام والأسابيع.
إيجابية الإجراءات
يُجمع المتتبعون لأحداث فيروس كورونا المستجد في المغرب، أن المملكة المغربية تمكنت من تفادي أخطاء إيطاليا وإسبانيا في التعامل مع بداية انتشار فيروس كورونا في البلاد، وسارعت لاتخاذ إجراءات استيباقية لمنع تفشيه بشكل أكبر، وقد يرجع الفضل لهذه الإجراءات في عدم تسجيل أرقام كبيرة في عدد الإصابات إلى حدود اليوم.
ومن بين الإجراءات الهامة التي سارع المغرب لاتخاذها في الأيام الأولى لانتشار الفيروس، هي منع جميع الأنشطة في البلاد بمختلف أنواعها، ثم إغلاق الحدود في وجه جميع التنقلات الدولية، ثم إيقاف الدراسة، وفرض حظر التجوال الكلي في البلاد.
هذه الإجراءات، وفق عدد من المتتبعين، يُحتمل بقوة أنها تقف الآن أمام عدم تسجيل أرقام كبيرة وانحصار عدد المصابين في أقل من ألف إصابة إلى حدود هذا اليوم، وإن كان هناك جدل بأن المغرب رغم استباقه لاتخاذ إجراءات ضد انتشار كورونا مقارنة بدول مثل إسبانيا وإيطاليا، إلا أنه بشكل عام تأخر قليلا في إغلاق الحدود، وقد يكون ذلك سببا يدفع ثمنه المغرب اليوم.
لكن مهما طال الجدل في هذه النقطة، إلا أن هناك شبه إجماع على أن المغرب، نجح في تخطي سيناريو كان يُمكن أن يكون أكثر سوءا مما هو عليه الوضع في إسبانيا وإيطاليا حاليا، خاصة أن موقعه الجغرافي يسمح بأسوأ السيناريوهات باعتباره معبرا بين قارتين ويوجد على مقربة من إسبانيا وإيطاليا ويرتبط معهما بالعديد من الروابط البحرية والجوية وحتى البرية.
سلبية الأرقام
رغم أن الأرقام المسجلة في المغرب إلى حدود السادسة من مساء اليوم الثلاثاء،602 حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا، و36 حالة وفاة بالفيروس، و 24 حالة تعافي، تبقى ضعيفة جدا مقارنة ببلدان أخرى في العالم، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا، إلا أنها تحمل في طياتها بعض السلبيات.
ووفق المتتبيعن دائما للحالة المغربية، فإن الأيام الأخيرة شهدت تزايدا كبيرا لحالات الإصابة مقارنة بالأسابيع الماضية، حيث بدأت تصل إلى معدل 100 إصابة جديدة بالفيروس في اليوم، وهذا مؤشر يدفع الكثيرين للتوقع بأن الأيام المقبلة ستشهد زيادة كبيرة في أعداد المصابين، والأدهى من ذلك، يصعب التكهن معها إلى المآل الذي ستنتهي إليه الأوضاع بعد ذلك.
المثير أيضا في الأرقام المغربية المتعلقة بفيروس كورونا المستجد، هو أن هذه الحالات التي فاقت 600 مصابا، لم يتم استبعاد معها سوى 2298 حالة، وبالتالي فإن نسبة الإصابات مقارنة بمن تم استبعادهم هي كبيرة جدا مقارنة بباقي بلدان العالم، وهذا يطرح تساؤلا مخيفا، ماذا عن باقي الآلاف من الأشخاص الذين لم يخضعوا للفحوصات بعد.
وبخصوص الوفيات وحالات التعافي، فإن الوفيات في المغرب تفوق حالات التعافي على عكس أغلب البلدان المصابة، كما أن نسبة الوفيات مقارنة بعدد الإصابات تُعتبر مرتفعة جدا، مقارنة بعدد من البلدان العالمية، وأبرزها دولة البحرين التي تتقارب مع المغرب في عدد الإصابات حيث بلغت في البحرين إلى اليوم 567 حالة مؤكدة، في حين أن عدد الوفيات لا يتعدى 4 أشخاص، وعدد المتعافين اقترب من 300 حالة.
حالة شاذة
المعطيات الخاصة بالمغرب والمتعلقة بفيروس كورونا المستجد، تجعل وضعية المغرب شاذة يصعب التكهن بمستقبل البلاد مع هذا الفيروس، فالأرقام إلى حدود هذا النهار تبقى منخفضة ولا تجعل المغرب في دائرة الخطر، لكن في الوقت نفسه، الأرقام بدأت ترتفع، وعدد الوفيات في ارتفاع، وحالات التعافي تسير ببطء.
الأدهى من ذلك، أن عدد الأشخاص الذين جرى فحصهم في المغرب حول فيروس كورونا يُعتبر عددا صغيرا جدا مقارنة بأغلب البلدان العالمية التي ظهر فيها فيروس كورونا المستجد، وبالتالي هذا يحمل في طياته الكثير من التوقعات المخيفة، من بينها ماذا لو كان هناك عدد كبير من المصابين لم يتم الكشف عنهم بعد؟
بين إيجابية الإجراءات التي يتبعها المغرب في مكافحته لفيروس كورونا، والأرقام التي تتصاعد يوما بعد يوم، يبقى الجواب على سؤال هل نجا المغرب من كارثة “كورونا” أم هي فقط البداية، مرتبطا بما ستسفر عن الأيام المقبلة.