أنا الخبر ـ الأيام 24
نبوءات كثيرة بوجود نفط وغاز في المغرب، لكن متى تتحقق إحدى هذه النبوءات؟ فبعد واقعة “تالسينت” الشهيرة في العام 2000، التي ورط فيها يوسف الطاهري، وزير الطاقة والمعادن في حكومة عبد الرحمان اليوسفي، الدولة المغربية والقصر نفسه في ملف ملغوم، بعدما بالغ في تقدير الاحتياطيات المكتشفة من البترول في تالسينت، حتى اعتقد الجميع أن المغرب سيصبح دولة بترولية وسيعيش شعبه الفقير بحبوحة مالية، ضرب طوق شديد من التعتيم على هذا الملف المطبوع اليوم بخاتم السرية، في ما يرشح من أنباء عن اكتشافات بين الحين والآخر، تؤكدها بلاغات لكبريات الشركات العالمية المشتغلة في مجال التنقيب عن النفط والغاز بالمملكة، وهو ما يغذي الأمل في أن يصبح المغرب بلدا بتروليا، ما دامت فاتورة الذهب الأسود تثقل كاهل مالية الدولة.. لكن البحث عن حقيقة ما يختزنه باطن الأرض والبحر في المغرب من ثروة أحفورية يبقى مجرد فضول معلق، على اعتبار أن الملف مطبوع بخاتم السرية، ويحظى بإشراف مباشر من أعلى سلطة في البلاد، ليبقى السؤال المحير: هل اكتشف المغرب حقا البترول وبدأ في استغلاله؟ هذه محاولة للإجابة!
رغم كل المخاوف والشكوك، غير أن بلاغ أمينة بنخضرا، المديرة العامة للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، يفتح الأمل بحذر ما دامت تؤكد على أن “الدراسات التي تم القيام بها في الأحواض الرسوبية للمغرب تنبئ عن وجود العديد من الأنظمة البترولية التي تساعد على تراكم الهيدروكابورات”، ذلك تأكيد يفترض أن تفحصه عمليات التنقيب والحفر، ولا يمكن أن يؤكده أو ينفيه سوى الزمن.
بالعودة إلى الوراء قليلا، فإن أول بئر تم الإعلان عنه هو بئر “سيدي بلقاسم 1″، وحفره أنجز من طرف شركة “لون سطار” بتالسينت، وقدرت كمياته آنذاك بما يناهز 100 مليون برميل، ثم تردد أن المنطقة تحوي في باطنها ما بين 1.5 مليار وملياري برميل، وهذه هي الأرقام التي أعلن عنها وزير الطاقة والمعادن آنذاك يوسف الطاهري، في ندوة صحفية بعد زيارة الملك محمد السادس لمنطقة تالسينت في شهر غشت سنة 2000، وأكد الوزير آنذاك أن ما تم اكتشافه في بئر واحد، وعلى عمق 3505 متر، يكفي لاستهلاك المغرب من النفط ما بين 25 إلى 30 سنة، لكن هذه الأرقام ظهر بعد ذلك أنها كانت مبالغا فيها.
آنذاك كان بحوزة شركة “لون سطار” رخص امتياز للتنقيب على النفط في أربع مناطق أخرى: لوكوس والبروج وأسفي والصويرة، وقد تمت الإشارة لتقديرات الاحتياطي بهذه المناطق، إذ قيل إنه يبلغ 12 مليار برميل، وإنه يمكن الشروع في عملية الاستغلال مع حلول سنة 2003.
و نحن ننجز هذا الملف ونقلب كل الملفات والوثائق التي يمكن أن تفيدنا، و التي قد تغني هذا الملف الحساس، نجد أن مجلس الطاقة العالمي يشير إلى أن الاحتياطيات “المؤكدة” من الصخور النفطية في المغرب قدرت سنة 2013 بنحو 53 مليار برميل. ويقول هذا المجلس إن الرواسب الرئيسية توجد في تمحضيت بجبال الأطلس المتوسط وطرفاية في الجنوب..
مجلس الطاقة العالمي يقول أيضا إنه “… تم اكتشاف أول موقع في طنجة في الثلاثينيات من القرن العشرين، واكتشفت رواسب تمحضيت وطرفاية في أواخر الستينيات، وبعد دراستها بدقة تبين أن هذه الاحتياطيات ستكون كافية لتغطية احتياجات المغرب لمدة 800 سنة”. فهل يمكن تصديق هذا الرقم؟ مع ذكر أنه صادر عن مجلس الطاقة العالمي، وهو مجلس يحظى بالكثير من المصداقية. فإذا كان هذا الرقم صحيحا، ويمكن للقارئ أن يجده في أكثر من مكان وبأكثر من لغة عندما يقوم ببحث على شبكة الأنترنيت، فالمغرب يمكن أن يصبح مستقبلا “دولة خليجية”، عفوا نقصد “دولة بترولية”…
مجلس الطاقة العالمي يقول أيضا في تقرير له حول المغرب: “… أدى ارتفاع أسعار النفط خلال الثمانينيات والتسعينيات إلى قيام الشركات الأوروبية وشركات من أمريكا الشمالية باستكشاف هذه الرواسب وتجربة استغلالها، تمت معالجة أكثر من 2200 طن من الصخر النفطي لتمحضيت وطرفاية في محطات تجريبية في الولايات المتحدة، أوروبا، كندا، واليابان. بنيت محطة تجريبية في المغرب وعالجت 2500 طن بين 1983 و1986، وأجريت دراسات لبناء مصانع قادرة على إنتاج 50 ألف برميل يوميا في كل من تمحضيت وطرفاية، ولكن انخفاض أسعار النفط في منتصف الثمانينيات أدى إلى وقف هذه المشاريع ليعود بعد ذلك الاهتمام بفكرة المشاريع بعد ارتفاع أسعار النفط في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين”.
وما يؤكد ما ذهب إليه مجلس الطاقة العالمي، أن المكتب الوطني للهيدروكربورات والمعادن، سبق له قبل 10 سنوات أن أبرم اتفاقيات مع شركتي “بتروبراس” و”توتال” الفرنسية من أجل استكشاف تمحضيت وطرفاية، واتفاقا آخر مع شركة ايرلاندية تسمى “سان ليون للطاقة” لاختبار تقنية التكسير الهيدروليكي في طرفاية..