**بقلم: نورالدين عثمان
من أين أنت؟ أنا قادمة من إقليم وزان، إذن عد من حيث أتيت فلا مكان لك هنا…!!!!
سيدة تبلغ من العمر حولي ستين سنة تقطن بإحدى القرى نواحي وزان أصيبت بحروق خطيرة في جسمها نتيجة حادث معين اضطرت على إثره التنقل إلى مستشفى أبي قاسم الزهراوي بوزان حيث خضعت للفحوصات الأولية ليقرر الطبيب تسليمها ورقة طبية بغاية إكمال علاجها بطنجة نظرا لحالتها الصحية المستعصية ، فتوجهت السيدة رفقة بعض أفراد أسرتها إلى المستشفى الجهوي محمد الخامس بطنجة لإكمال العلاج، لكن الطاقم الطبي للمستشفى الإقليمي هناك رفض استقبالها وامتنع عن تقديم العلاجات الضرورية لها بدعوى أنها لا تنحدر من مدينة طنجة وبالتالي عليها العودة إلى وزان لأن المستشفى هناك لا يقبل المواطنين القادمين من إقليم وزان…!!!!
هذا الحادث المؤسف والذي لا يمكن تصنيفه إلا في خانة العنصرية المقيتة التي تعشعش للأسف في الكثير من عقول المسؤولين في مختلف المجالات، وهناك العشرات من الأمثلة تشبه حالة هذه السيدة، كما أن هذا التصرف العنصري المخزي يناقض كل مبادئ حقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب والتي تجرم العنصرية والكراهية والتحريض عليهما وتحث في المقابل تقديم الإسعافات الطبية والخدمات الصحية لأي إنسان محتاج للمساعدة مهما كانت جنسيته أو عرقيته أو ديانته دون شرط أو قيد في إحترام تام للكرامة الإنسانية ،كما أن هذا التصرف المؤسف يعتبر إنتهاكا صارخا للحق في الصحة المنصوص عليه في الفصل 31 من الدستور المغربي والفصل 23 منه الذي ينص على تجريم الكراهية والعنصرية أو التحريض عليها “… يحظر كل تحريض على العنصرية أو الكراهية أو العنف…” كما أن إدارة مشفى محمد الخامس بطنجة خالفت عمدا مقتضيات المادة 42 من النظام الداخلي والتي كانت موضوع مراسلة وزير الصحة لجميع المستشفيات في المغرب والتي تنص على أنه “يجب استقبال وفحص كل مريض أو جريح أو إمرأة مقبلة على الولادة الذين يحضرون في حالة استعجال، وكذا قبولهم للاستشفاء عند الاقتضاء إذا كانت حالتهم تستدعي ذلك ولو في حالة عدم توفر أسرة فارغة….” .
إن هذه التصرفات العنصرية الصادرة عن مؤسسة حكومية أمر مؤسف ومخزي وتتطلب تدخلا عاجلا من وزير الصحة لفتح تحقيق في هذه القضية لأن الأمر لا يسيئ فقط إلى مواطنة مغربية أو منطقة معينة من المغرب بل تسيئ إلى صورة المغرب في الخارج، فإذا كانت إدارة المستشفى بطنجة ترفض علاج مواطنة مغربية بدعوى أنها لا تنحدر من مدينة طنجة فكيف مثلا ستتعامل مع الأجانب المقيمين في المغرب بصفة قانونية أو غير قانونية أو الأجانب الزائرين للمغرب في إطار العمل أو السياحة علما بأن هؤلاء كلهم تحت حماية المواثيق والعهود والإتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب.
**رئيس المكتب الإقليمي للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بوزان