أنا الخبر ـ و.م.ع
في ما يلي النص الكامل للخطاب السامي الذي وجهه #صاحبالجلالةالملك محمد السادس، نصره الله، مساء اليوم الأربعاء، إلى الأمة بمناسبة الذكرى الـ44 للمسيرة الخضراء المظفرة :
” الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.
شعبي العزيز،
لقد كانت المسيرة الخضراء ولا تزال، أحسن تعبير عن التلاحم القوي بين العرش والشعب.
كما أكدت بالدليل، قدرة المغاربة، ملكا وشعبا، على رفع التحديات التي تواجه الأمة.
وهي مسيرة دائمة؛ فالروح التي مكنت من استرجاع الصحراء، سنة 1975، هي التي تدفعنا اليوم، للنهوض بتنمية كل جهات المملكة.
وهو ما ينطبق على أقاليمنا الجنوبية، التي تعتبر صلة وصل بين المغرب وإفريقيا، على الصعيد الجغرافي والإنساني والاقتصادي.
شعبي العزيز،
لقد ظل المغرب واضحا في مواقفه، بخصوص مغربية الصحراء، ومؤمنا بعدالة قضيته، ومشروعية حقوقه.
وسيواصل العمل، بصدق وحسن نية، طبقا للمقاربة السياسية المعتمدة حصريا، من طرف منظمة الأمم المتحدة، وقرارات مجلس الأمن، من أجل التوصل إلى حل سياسي واقعي، عملي وتوافقي.
وهو الحل الذي تجسده مبادرة الحكم الذاتي، نظرا لجديتها ومصداقيتها، وصواب توجهاتها؛ لأنها السبيل الوحيد للتسوية، في إطار الاحترام التام للوحدة الوطنية والترابية للمملكة.
وقد تعزز هذا التوجه بزيادة عدد الدول التي لا تعترف بالكيان الوهمي، والذي يفوق حاليا 163 دولة.
كما تؤكده أيضا الشراكات والاتفاقيات التي تجمع المغرب بالقوى الكبرى، وعدد من الدول الشقيقة والصديقة، والتي تشمل كل جهات المملكة، بما فيها الأقاليم الصحراوية.
شعبي العزيز،
لقد مكنت المسيرة الخضراء، من استرجاع المغرب لأقاليمه الجنوبية.
ومنذ ذلك الوقت، تغيرت خريطة المملكة؛ ولم نستوعب بأن الرباط صارت في أقصى الشمال، وأكادير هي الوسط الحقيقي للبلاد.
فالمسافة بين أكادير وطنجة، هي تقريبا نفس المسافة، التي تفصلها عن الأقاليم الصحراوية.
وليس من المعقول أن تكون جهة سوس ماسة في وسط المغرب، وبعض البنيات التحتية الأساسية، تتوقف في مراكش، رغم ما تتوفر عليه المنطقة من طاقات وإمكانات.
لذا، فإننا ندعو للتفكير، بكل جدية، في ربط مراكش وأكادير بخط السكة الحديدية؛ في انتظار توسيعه إلى باقي الجهات الجنوبية، ودعم شبكة الطرق، التي نعمل على تعزيزها بالطريق السريع، بين أكادير والداخلة.
وسيساهم هذا الخط في فك العزلة عن هذه المناطق، وفي النهوض بالتنمية، وتحريك الاقتصاد، لاسيما في مجال نقل الأشخاص والبضائع، ودعم التصدير والسياحة، وغيرها من الأنشطة الاقتصادية.
كما سيشكل رافعة لخلق العديد من فرص الشغل، ليس فقط في جهة سوس، وإنما أيضا في جميع المناطق المجاورة.
فجهة سوس – ماسة يجب أن تكون مركزا اقتصاديا، يربط شمال المغرب بجنوبه، من طنجة شمالا، ووجدة شرقا، إلى أقاليمنا الصحراوية.
وذلك في إطار الجهوية المتقدمة، والتوزيع العادل للثروات بين جميع الجهات.
فالمغرب الذي نريده، يجب أن يقوم على جهات منسجمة ومتكاملة، تستفيد على قدم المساواة، من البنيات التحتية، ومن المشاريع الكبرى، التي ينبغي أن تعود بالخير على كل الجهات.
والتنمية الجهوية يجب أن ترتكز على التعاون والتكامل بين الجهات، وأن تتوفر كل جهة على منطقة كبرى للأنشطة الاقتصادية، حسب مؤهلاتها وخصوصياتها.
كما ينبغي العمل على تنزيل السياسات القطاعية، على المستوى الجهوي.
وهنا نؤكد على أن الدينامية الجديدة، التي أطلقناها على مستوى مؤسسات الدولة، حكومة وإدارة، يجب أن تشمل أيضا المجال الجهوي.
شعبي العزيز،
إن حرصنا على تحقيق تنمية متوازنة ومنصفة بكل جهات المملكة، لا يعادله إلا التزامنا بإقامة علاقات سليمة وقوية مع الدول المغاربية الشقيقة.
فالوضع الحالي بالمنطقة وبالفضاء المتوسطي يسائلنا جميعا، ويدعونا للتحرك الإيجابي، نظرا لما يحمله من فرص وتحديات.
• فالشباب المغاربي يطالبنا بفضاء منفتح للتواصل والتبادل؛
• وقطاع الأعمال يطالبنا بتوفير الظروف للنهوض بالتنمية؛
• كما أن شركاءنا، وخاصة الأوروبيين، يحتاجون إلى شريك فعال؛
• وإخواننا الأفارقة جنوب الصحراء، ينتظرون مساهمة بلداننا في البرامج والتحديات الكبرى للقارة؛
• وأشقاؤنا العرب يريدون مشاركة المغرب الكبير في بناء نظام عربي جديد.
إن الآمال و الانتظارات كبيرة، والتحديات كثيرة ومعقدة. وما يبعث على الأسف هو أن البعض لا يتعامل معها بجدية.
والحقيقة أن عدونا المشترك هو الجمود وضعف التنمية، التي تعاني منها شعوبنا الخمسة.
شعبي العزيز،
إن الصحراء المغربية تشكل بوابة المغرب نحو إفريقيا جنوب الصحراء.
وقد جعلنا قارتنا، منذ اعتلائنا العرش، في صلب سياستنا الخارجية. فقمنا بالعديد من الزيارات لمختلف دولها، وتم التوقيع على حوالي ألف اتفاقية تشمل كل مجالات التعاون.
وقد كان لذلك أثر ملموس على مستوى مكانة المغرب الاقتصادية والسياسية والثقافية والدينية داخل القارة.
وإننا عازمو ن على جعل المغرب فاعلا أساسيا في بناء إفريقيا المستقبل.
كما نطمح للرفع من مستوى المبادلات التجارية، ومن الاستثمارات المغربية في القارة، وإطلاق مرحلة جديدة، عمادها المنفعة المشتركة.
ويتوقف تحقيق هذه الأهداف على وفاء المغرب بالتزاماته، وعلى مواصلة ترسيخ حضوره في إفريقيا.
شعبي العزيز،
إننا نتحمل جميعا أمانة الحفاظ على الوحدة الوطنية والترابية، والنهوض بالتنمية الشاملة بجميع مناطق البلاد.
كما أننا مسؤولون على مواصلة تعزيز العلاقات الإنسانية والاقتصادية والسياسية، التي تجمع المغرب بالدول الإفريقية.
وبذلك نجدد وفاءنا لقسم المسيرة الخضراء، ولروح مبدعها، والدنا المنعم، جلالة الملك الحسن الثاني، أكرم الله مثواه، ولكل المغاربة الأحرار، الذين ضحوا من أجل حرية وتقدم المغرب، في ظل الوحدة والأمن والاستقرار.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”.