أنا الخبر ـ عبر
تحاول عبثا بعض الأصوات المدسوسة بين فريق الترجي الرياضي التونسي أن تحول الإشكال الذي وقع بين فريق الترجي الرياضي و فريق الوداد البيضاوي، في مباراة إياب نهائي كأس العصبة الأبطال الإفريقية، من سياقه الرياضي إلى سياقات أخرى بعيدة كل البعد عن قواعد الرياضة و أسس العمل النظيف.
فمباشرة بعد القرار الذي أتخذه اجتماع الكنفدرالية الأفريقية لكرة القدم، و القاضي بإعادة مباراة إياب النهائي المذكور، بالنظر إلى عدد من الإشكالات و الخروقات القانونية التي اعترت المواجهة، و التي يتحمل الكاف جزء كبيرا من المسؤولية فيها، خرجت علينا بعض الأصوات النشاز من هنا و هناك تهاجم المغرب و مؤسساته و تنال من مقوماتها الوطنية و التاريخية، و هو أمر غريب و لا يعبر عن عمق العلاقات التي تجمع بين مكونات تونس و المغرب، لا على مستوى القيادتين و لا على مستوى الشعبين.
و يمكن أن نذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر، الحركة التي قام بها الملك محمد السادس، إبان الإشكالات الأمنية التي كانت تعيشها الشقيقة تونس بعد الثورة على نظام بنعلي، حيث قام الملك بزيارة لتونس استمرت عدة أيام، تجول خلالها في شوارع العاصمة التونسية بدون برتوكول، الأمر الذي استحسنه الشعب التونسي و اعتبروه دعم غير مسبوق و مساندة للشعب التونسي سياسيا و اقتصاديا، حيث أنه في تلك الفترة كانت السياحة التونسية تعاني بسبب الأوضاع الأمنية المتردية آن ذاك، و كان تجول الملك في شوراع العاصمة و الأماكن السياحية، أكبر دعاية يمكن أن تحصل عليها تونس لسياحتها في ذلك الوقت، و هو الأمر الذي أشارت إليه و أشادت به مختلف وسائل الإعلام التونسية في حينه.
لذلك يمكن القول أنه ليست مباراة في كرة القدم هي التي ستفسد الود بين الشعبين المغربي و التونسي، فهي في الأخير مجرد لعبة و السجال فيها يكون في الميدان أولا، ثم في المؤسسات الرياضية المتخصصة و المسؤولة عن اللعبة قطرا و قاريا و عالميا، فلا مجال لتحميل هذه اللعبة أكثر مما تحتمل.
فالمقومات التي تربط بين المغرب و تونس، بما فيها المقومات التاريخية و القومية، يجب أن تبقى فوق كل اعتبار، و لا يجب السماح بأي حال من الأحوال للعبة معينة أو شرذمة مندسة هنا أو هناك أن تنال من هذه العلاقات المتميزة التي ربطت قرون من الزمن بين الشعب المغربي و الشعب التونسي.
و كلنا رأينا في المونديال الأخير، كيف كان أبناء الشعب التونسي يشجعون المنتخب المغربي، و كيف عبر أعضاء المنتخب التونسي عن خيبة أملهم و حزنهم عن الطريقة التي خرج بها المنتخب الوطني المغربي من المونديال، و كذلك رأينا الجماهير المغربية و هي تساند نسور قرطاج في روسيا و آلمنا جميعا كيف خرج المنتخب التونسي رغم أدائه البطولي أمام عمالقة الكرة الأوربية.
لذلك فيجب علينا الا نفسح المجال لأي كان من تسميم علاقات الشعوب العربية فيما بينها، خاصة و أن لا شيء قد حسم بين الوداد و فريق باب السويقة، و أن اللقب في نهاية المطاف سيذهب إلى من سيلعب و سيفوز وفق قواعد اللعب النظيف، و سنصفق في ذلك الحين على الفائز كان من كان في إطار من الروح الرياضية التي طالما طبعت اللقاءات بين المغاربة و التوانسة.