أثارت تصريحات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، التي أعلن خلالها عن بلوغ مداخيل الإنتاج الزراعي الجزائري 37 مليار دولار، جدلًا واسعًا وسخرية لاذعة على منصات التواصل الاجتماعي، خصوصًا بين الجزائريين الذين يرون فجوة واضحة بين هذه الأرقام والواقع اليومي.

جاءت هذه التصريحات خلال احتفالية الذكرى الخمسين لتأسيس الاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين.

واجهت تصريحات تبون انتقادات بسبب خلطه بين مفاهيم “الاكتفاء الذاتي” و”الإنتاج” و”التصدير”، مما دفع المتابعين إلى الحديث عن ما وصفوه بـ”نفخ الأرقام” لتجميل صورة الاقتصاد الزراعي. بينما ادعت الحكومة تحقيق إنجازات ضخمة، فإن الجزائر لا تزال تعتمد بشكل كبير على استيراد القمح اللين لتلبية احتياجاتها المحلية.

رغم الادعاءات الرسمية، فإن إنتاج الجزائر السنوي من الحبوب لا يتجاوز 3.5 مليون طن، وهو رقم يغطي فقط نصف الاحتياجات الوطنية التي تفوق 7 ملايين طن. ويستمر هذا العجز رغم المساحات الزراعية الواسعة، ما يعكس تحديات هيكلية يعاني منها القطاع، من بينها ضعف البنية التحتية الزراعية، تراجع الاستثمارات، وتأثيرات الجفاف المتكررة.

وفي تناقض صارخ مع تصريحات الإنجازات، أصبحت الطوابير أمام محلات المواد الغذائية مشهدًا مألوفًا في مختلف المدن الجزائرية، مما يعكس معاناة المواطن اليومية. هذا الواقع يثير تساؤلات حول كيفية التوفيق بين “مداخيل زراعية ضخمة” مزعومة وعجز واضح في تلبية الاحتياجات الأساسية للسكان.

رغم محاولات النظام الجزائري ترويج صورة مشرقة عن القطاع الزراعي، فإن الحقائق على الأرض تشير إلى تراجع ملحوظ في إنتاجية القطاع، وانخفاض الاستثمارات الزراعية مقارنة بحجم التحديات. الجفاف، الذي يعد عاملاً رئيسيًا، زاد من صعوبة تحقيق الاكتفاء الذاتي أو المساهمة في التصدير كما تدعي التصريحات الرسمية.

تحولت تصريحات تبون إلى مادة دسمة للسخرية الشعبية، حيث استغل رواد مواقع التواصل الاجتماعي هذه الأرقام المبالغ فيها للتعبير عن استيائهم من التناقض بين خطاب النظام وواقع حياتهم اليومية. هذه السخرية تعكس أزمة ثقة متزايدة بين الشعب الجزائري وقيادته، خصوصًا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد.

في النهاية، يبقى السؤال: هل تستطيع الجزائر تجاوز هذه الفجوة بين الخطاب الرسمي وواقع القطاع الزراعي؟ أم أن أرقامًا مثل “37 مليار دولار” ستظل حبرًا على ورق؟

اترك تعليقاً

إعلان مدفوع