تمكن علماء من حفر أعمق حفرة حتى الآن في صخور وشاح الأرض، حيث توغلوا، باستخدام سفينة حفر في المحيطات، إلى عمق 1268 مترا تحت قاع المحيط الأطلسي، وحصلوا على عينة كبيرة تقدم أدلة عن أكثر طبقات كوكب الأرض سمكا.
وأوضح هؤلاء العلماء، في تصريحات صحفية، أمس الخميس، أن “هذه العينة الاسطوانية تطلعنا على تركيب الجزء العلوي من الوشاح والعمليات الكيميائية التي تحدث حين يتفاعل هذا الصخر مع مياه البحر في طائفة متنوعة من درجات الحرارة”، مضيفين أن “مثل هذه العمليات ربما كانت أساس بدء الحياة على الأرض منذ ملايير السنين”.
ويشكل الوشاح أكثر من 80 في المائة من حجم الكوكب، وهو عبارة عن طبقة من الصخور “السيليكاتية” تقع بين القشرة الخارجية للأرض ونواة شديدة الحرارة. وعادة ما يكون من الصعب الوصول إلى صخور الوشاح ما عدا حينما تكون مكشوفة في مواقع من قعر البحر تمتد بين صفائح بطيئة الحركة بحجم قارات تشكل سطح الكوكب.
ومن بين هذه الأماكن كتلة “أتلانتس” الصخرية، وهي جبل تحت الماء، حيث تظهر صخور الوشاح في قاع البحر. ويقع هذا الجبل في منتصف المحيط الأطلسي، إلى الغرب مباشرة من سلسلة جبال منتصف المحيط الأطلسي الشاسعة التي تشكل الحدود بين الصفيحة الأمريكية الشمالية والصفيحتين الأوراسية والإفريقية.
وقال عالم الجيولوجيا يوهان ليسنبرغ من جامعة كارديف في ويلز، والمؤلف الرئيسي للدراسة، التي نشرت في دورية “ساينس” العلمية، إن “عملية الاستخراج هذه سجلت رقما قياسيا لأن المحاولات السابقة للحفر في صخور الوشاح كانت صعبة، ولم يتجاوز الاختراق 200 متر وكانت عملية استخراج الصخور منخفضة نسبيا.
وأوضح ليسنبرغ أن “التفاعل بين مياه البحر وصخور الوشاح عند قاع البحر أو بالقرب منه يؤدي إلى إطلاق الهيدروجين الذي يشكل بدوره مركبات، مثل الميثان، تدعم حياة الكائنات الدقيقة.
وتجدر الإشارة إلى أن العينة الأساسية ما تزال قيد التحليل. وتوصل الباحثون إلى بعض النتائج الأولية حول تركيبها ووثقوا تاريخا أطول مما كان متوقعا لانصهار الصخور.