«الساعة الثالثة أو الرابعة صباحًا هي أسوأ وقت للاستيقاظ على الإطلاق!» ربما كانت صحة هذه المقولة محل اتفاق بين أكثرنا، رغم ما يشهده العالم اليوم من انقسامات حادة في الآراء وانتشار للمعلومات المضللة.
كتب المعالج الإدراكي غريغ موراي، مدير مركز الصحة النفسية في جامعة سوينبورن في أستراليا: «بوصفي مختصًا في العلاج الإدراكي، أحيانًا أقول مازحًا: الشيء الوحيد الجيد في الاستيقاظ في الثالثة صباحًا هو أنه يعطينا مثالًا واضحًا وملموسًا على التهويل!».
ويشير موراي إلى أن الاستيقاظ والقلق في الثالثة صباحًا أمر طبيعي وإنساني جدًا. مع ذلك، فهو ليس أمرًا جيدًا لتعتاده.
لكن ما السبب وراء استيقاظ الكثيرين في هذا التوقيت تحديدًا؟ إذا وجدت نفسك تحدق في السقف في الساعة الثالثة أو الرابعة صباحًا، فأنت لست وحدك. إنها ظاهرة تحدث لشخص من كل ثلاثة، وربما أكثر.
وفقًا لبعض خبراء النوم، يُعتقد أن القلق هو سبب شائع للاستيقاظ المبكر، وإن لم يكن مرتبطًا به مباشرةً. يفسر موراي: «لا يجعلك القلق تستيقظ أكثر في الليل، لكنه يجعلك أكثر انتباهًا لحدوث ذلك. نستيقظ عدة مرات ليلًا، ويصبح النوم أقل عمقًا في النصف الثاني من الليل».
«عندما يكون النوم مريحًا لنا، فإننا ببساطة لا ندرك هذه اليقظات. لكن مع قليل من التوتر تزداد احتمالية اليقظة والوعي التامين».
القلق ليس العامل الوحيد الذي يوقظنا في الثالثة صباحًا، يوجد أيضًا عدم تنظيم الوقت والمهام، والتصفح السلبي للإنترنت. حتى نقص الهواء النقي قد يؤثر في جودة نومنا.
تنصح خبيرة النوم ستيفاني روميشفسكي: «انهض في الوقت ذاته يوميًا، ولا تذهب إلى الفراش إلا عندما تشعر بالنعاس».
«ستلاحظ أن الاستيقاظ يوميًا في الوقت ذاته أصبح عادة. حاول ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وتعريض نفسك لأشعة الشمس في الصباح الباكر، وتوفير وقت اجتماعي مع الأصدقاء والأحباب. نحن بحاجة إلى أن تدرك أدمغتنا أن الفرصة الوحيدة للنوم تكون في الليل كما هو معتاد».
نعلم بعض الأسباب التي تجعلنا نستيقظ ليلًا، لكن لماذا تحديدًا في الثالثة أو الرابعة صباحًا؟ يغلب النعاس معظمنا بين 11 مساءً ومنتصف الليل، ونستيقظ بين السابعة والثامنة صباحًا. فما الساعة التي تقع بالضبط في منتصف هذه الفترة؟
تشرح أنيسا داس، المدير المساعد لبرنامج طب النوم في جامعة ولاية أوهايو: «طوال الليل، ننتقل بين مراحل نوم حركة العين السريعة (REM) والنوم من دون حركة العين السريعة (non-REM). تتفاوت المراحل في سهولة الاستيقاظ منها».
من التفسيرات المحتملة للاستيقاظ في الوقت ذاته كل ليلة هي أنك تنام في الوقت ذاته تقريبًا، ومن ثم تصل إلى مرحلة غير عميقة من النوم في الوقت ذاته أيضًا، فتستيقظ.
قد تعتقد أن دورات نوم الجسم نمط متكرر، لكن في الواقع، نقضي فترات زمنية مختلفة في كل مرحلة. مع اقتراب الصباح، يزداد الوقت الذي نقضيه نائمين في مرحلة حركة العين السريعة، ما يعني أننا نقضي وقتًا أطول في نوم غير عميق نسبيًا ومليء بالأحلام.
قال مايكل سكولين، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب في جامعة بايلور في تكساس: «يُحتمل أن الأحلام القلقة تكون السبب وراء الاستيقاظ في الساعات الأولى صباحًا. لا يعني ذلك بالضرورة أن تكون الأحلام مخيفة. طرح العلماء سابقًا احتمال أن المهام غير المكتملة تسبب حالة من القلق».
لحسن الحظ، يمكننا تفادي الأمر بحل بسيط، وهو الاحتفاظ بقائمة المهام. قال سكولين: «وضع دفتر ملاحظات بجانب السرير وكتابة كل شيء في قائمة المهام المطلوبة، إضافةً إلى تدوين أي قلق أو ضغوط تدور في ذهنك، ثبت أنه قد يساعد».
أظهر بحث سكولين عام 2018 أن قضاء خمس دقائق قبل النوم في كتابة قائمة المهام المستقبلية أحدث فرقًا واضحًا في سرعة نوم المشاركين في الدراسة. وينطبق الأمر ذاته على الاستيقاظ ليلًا.
ينصح كولين إسبي، أستاذ طب النوم في قسم علوم الأعصاب السريرية في جامعة أكسفورد، بما يسميه وضع الراحة. ببساطة، قضاء بعض الوقت قبل النوم في مراجعة أحداث الأيام السابقة والتخطيط للمستقبل.
«إن ما يشغل عقل الشخص الذي يستيقظ ليلًا هو عادةً أمر متوقع، قد يكون أمرًا حدث سابقًا أو سيحدث لاحقًا. على هذا فإن الاحتفاظ بقائمة المهام يساعد الدماغ على تنظيم المهام دون القلق حيال عدم إنجازها، ومن ثم عدم الاستيقاظ ليلًا».
لكن إذا لم تحقق هذه الطريقة الفائدة المرجوة مدة شهرين أو أكثر، يُنصح بزيارة طبيب مختص.
«بعد ثلاثة أشهر، قد تتحول أي مشكلة في النوم إلى عادة، تصبح نمطًا لعقلك. إذا بلغت هذه المرحلة، فحتى التخلص من العامل المسبب قد لا ينفع. قد تتمكن من التخلص من التوتر مثلًا، لكن مشكلة النوم قد تستمر».
«يمكن اللجوء إلى العلاج السلوكي المعرفي لعلاج للأرق، للمساعدة على تغيير نمط السلوك. وتمكن الاستعانة بطبيب متخصص أو خبير في مجال النوم».