تجد منطقة إفريقيا الجنوبية نفسها مرة أخرى أمام خطر (النينيو) الذي يوصف بكونه ظاهرة مناخية محملة بفترات جفاف مدمرة ذات عواقب اجتماعية واقتصادية وخيمة.
ومن المتوقع أن تؤدي هذه الظاهرة التي تحدث كل خمس سنوات في المتوسط، إلى ارتفاع درجات الحرارة وشح في هطول الأمطار طوال فصل الصيف الذي يمتد في المنطقة من نونبر إلى أبريل.
وعلى الرغم من أن هذه الظاهرة موسمية، فإنها تظل مصدرا رئيسيا للقلق بالنسبة لساكنة وحكومات بلدان المنطقة، الذين يسعون جاهدين للتكيف مع هذا المعطى الطبيعي والاستعداد لمواجهة التحديات المستقبلية.
وتضم منطقة إفريقيا الجنوبية 13 بلدا وهي جنوب أفريقيا وأنغولا وبوتسوانا وجزر القمر وليسوتو ومدغشقر ومالاوي وجزر موريس وموزمبيق وناميبيا وسوازيلاند وزامبيا وزيمبابوي.
ويتوقع برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة (بام) أن تضرب ظاهرة (النينيو) بينما تواجه المنطقة ضغوطا كبيرة، منها مواجهة نحو 47.4 مليون شخص ندرة حادة في الأمن الغذائي.
ففي جنوب إفريقيا، لم يتوقف الخبراء عن التحذير من تداعيات هذه الظاهرة على السكان المهمشين، معتبرين أن الوصول المرتقب ل(النينيو) يمكن أن يؤدي إلى تفاقم مخاطر انعدام الأمن الغذائي في البلاد، في حال تأخرت الحكومة في تنفيذ التدابير المناسبة للتخفيف من هذا التهديد المتزايد.
وحسب نيفيل سويجد وهو باحث رئيسي بمجلس البحث العلمي والصناعي، فإن هذه الظاهرة قد تكون لها عواقب وخيمة على القطاع الفلاحي في جنوب إفريقيا التي يعتمد معظم الإنتاج فيها على الأمطار.
وأكد سويجد على ضرورة التدخل العاجل للحكومة لتتأكد من أن كافة الفلاحين جاهزين ويتوفرون على وسائل بديلة للري للتخفيف من تأثير الجفاف.
وفي موزمبيق المجاورة، حذرت مصالح الأرصاد الجوية من أن البلاد تواجه تهديدا مزدوجا يتمثل في جفاف في المناطق الوسطى والجنوبية وهطول أمطار أعلى من المعتاد في الشمال.
والوضع نفسه ينطبق على مدغشقر، حيث تتوقع السلطات ظروف جفاف شديدة في مختلف مناطق الجنوب، مع ارتفاع مرتقب لدرجات الحرارة أكثر من المستويات الطبيعية.
وفي زيمبابوي، ينتاب الفلاحين شعور بالقلق بشأن الظروف المناخية القاسية التي من المتوقع أن تؤثر على الإنتاج الزراعي وتربية المواشي، ومنها تضرر الأمن الغذائي في هذا البلد الذي يجد نفسه في خضم أزمة اقتصادية خطيرة.
ويبدو أن بلدان إفريقيا الجنوبية تفتقد للوسائل اللازمة للتعامل مع حجم الجفاف المرتقب، مما يجعل من الضروري أن تكون هناك استجابة دولية لمواجهة حالة الطوارئ المناخية هذه.
وفي هذا السياق، أعلنت الأمم المتحدة مؤخرا عن حشد 12.8 مليون دولار لتنفيذ سلسلة من الإجراءات الاستباقية الرامية إلى الحفاظ على حياة وسبل عيش أكثر من نصف مليون شخص يعيشون في مدغشقر وموزمبيق وزيمبابوي وليسوتو.
من جانبها، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أنها بدأت في التحضيرات الأولى لدعم البلدان المتضررة، من خلال وضع برامج عمل مرتقبة بتنسيق مع الحكومات والشركاء الإقليميين والدوليين.
في المقابل، تظل مجموعة تنمية إفريقيا الجنوبية (إس أ دي سي) الغائب الأكبر عن جهود التعبئة هذه في مواجهة ظاهرة (النينيو)، حيث لم تظهر هذه الهيئة الإقليمية حتى الآن أي مبادرات ملموسة لتطوير استراتيجيات جماعية لمعالجة التأثير المدمر المحتمل للظاهرة.