خطة جديدة من الحكومة الفرنسية لـ”إخضاع” المغرب في التفاصيل،
فضح تقرير مخابراتي فرنسي -من حيث لا يدري- لجوء فرنسا إلى “الخطة ب”،بعد فشلها في تحقيق أغراضها من خلال “الخطة أ”،
التي قامت على الضّغط على المغرب في مسألة التأشيرات وقضية التجسّس “بيغاسوس”.
فقد اعترفت الحكومة الفرنسية في هذا التقرير المخابراتي بأن الدولة الفرنسية صارت في موقف مُحرج
وأصبحت الخاسر الأكبر في ظلّ التطورات الأخيرة التي شهدها المغرب، التي كان أولها إبرام اتفاقية عسكرية مع الولايات المتحدة لمدة عشر سنوات،
والذي يعدّ مثابة خارطة طريق في مجال التعاون العسكري والدّفاعي،
ما يمنح أمريكا الأسبقية في التعاون الاستخباراتي ومكافحة الإرهاب وغيرها من التهديدات العابرة للحدود مع المغاربة،
بينما لم يعد لفرنسا حضور في هذا الإطار.
الحكومة الفرنسية والخطة الخبيثة
وقد صارت هذه الخطة “الخبيثة” التي كلّفت الحكومة الفرنسية مخابراتها، منذ أزيد من ستة شهور،
بإعدادها من أجل “إخضاع” المغرب لتوجّهاتها جاهزة الآن، لا ينقصها إلا تأشير الرّئيس إيمانويل ماكرون عليها.
وتقوم هذه الخطة في الأساس على تسريب المبالِغ المالية التي أودعتها شخصيات مغربية وازنة،
في حساباتها البنكية في فرنسا وكشف عقاراتها ومشاريعها هناك.
وهمّت هذه الخطة الحسابات والمشاريع الخاصّة بهذه الشّخصيات المغربية في كبريات مدن فرنسا،
على رأسها العاصمة باريس ومارسيليا، مع منح القضاء الفرنسي الإذن بفتح عدد من “الملفات” الحقوقية المُفبرَكة،
ضد شخصيات مغربية أخرى، وكلّ هذا في محاولة لابتزاز المغرب وضعه أمام “الأمر الواقع”.
في هذا الإطار استفسر مدير المخابرات الفرنسية برنارد إيميي، وفق ما أفادت به مصادر عليمة،
سكرتارية الرئيس ماكرون حول موافقته من عدمها حول الخطة الهادفة إلى جعل المغرب يعود إلى “الصّف” في علاقته بفرنسا،
بعدما صار يقارعها الحجّة بالحجّة ويطالبها بإعلان موقف صريح وواضح من قضيته الوطنية الأولى إن هي أرادت مواصلة علاقاتها الطبيعية معه.
ولجأت المخابرات الفرنسية إلى هذه الخطة البديلة بعد فشل الخطة الأولى،
التي ارتكزت على الضّغط على المغرب في مسألة التأشيرات وقضية التجسّس “بيغاسوس”،
لكنْ يبدو أنّ كلّ ذلك لم يُعط النتيجة المرجوة، ما جعل حكومة ماكرون “ترفع الإيقاع” من خلال اعتماد هذه الخطة الجهنمية الجديدة.
وتقوم “الخطة ب” للمخابرات الفرنسية التي تطرّق لتفاصيلها التقرير الاستخباراتي عدد RF/PM22/21،
الذي قدّمه مدير المخابرات برنارد إيميي إلى رئيسه ماكرون على تسريب “تقارير سوداء” تهم الشّأن الحقوقي والسياسي في المغرب؛
ومحاولة خلق بلبلة وانشقاق في المجتمع المغربي، من خلال تسريب الحسابات والمشاريع الخاصة بشخصيات مغربية وازنة في فرنسا وفي غيرها من بلدان العالم.
الحكومة الفرنسية تستهدف مسؤولين مغاربة
كما تقوم هذه الخطة الشّيطانية على إعطاء توجيه القضاء الفرنسي نحو قبول دعاوى ضدّ مسؤولين مغاربة ومتابعتهم قضائياً في أول مناسبة؛
مع طرد المغاربة المقيمين بطريقة غير شرعية في التراب الفرنسي؛ ومحاولة “محاصرة” الحضور المغربي في المُؤسّسات الدّينية في فرنسا؛
وتضييق الخناق على المشاريع الاقتصادية المغربية التي تنافس مشاريع فرنسا في القارّة الإفريقية.
وفي سياق متصل، أقرّت حكومة ماكرون في هذا التقرير المخابراتي بأن الدولة الفرنسية صارت في موقف لا تُحسد عليه،
إذ بعد إبرام المغرب هذه الاتفاقية العسكرية مع أمريكا صارت للأخيرة كامل الصّلاحيات في تعاونها الاستخباراتي مع المملكة، مقابل “تقزّم” الحضور الفرنسي.
وشجّع الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، وفق التقرير ذاته، المملكة على اتخاذ مواقفَ أكثر صرامةً،
في مواجهة الدولة الفرنسية وصارت تطالبها بالانخراط الكامِل في الدّيناميكية الجديدة التي تعتمدها في تقييم سياستها الخارجية،
ما جعل المواقف الفرنسية عاجزة عن مواصلة مطالباتها للمغرب بامتيازات عديدة كانت تحصل عليها بسهولة في السّابق.
وشدّدت مخابرات ماكرون في خطتها الجديدة هذه على أن الموقف صار معقداً في ما يتعلق بمصالح فرنسا في المغرب،
إذ لم تعد أمريكا الوحيدة التي “تزاحم” مصالح فرنسا، بل أيضا إسبانيا بعد تغييرها لموقفها،
وصارت تدعم علانية وبوضوح مقترح الحكم الذاتي للصّحراء تحت السّيادة المغربية.
وجعل هذا المُستجدّ إسبانيا تستفيد من تعاونها الكامل مع المغرب في يتعلق بإدارة تدفقات الهجرة،
لأنها تعرف أن جودة علاقاتها مع جارتها الجنوبية تُخفّف كثيرا تدفّق المهاجرين نحوها.
وسيضمن الاتفاق لإسبانيا كذلك الأفضلية لدى المغرب اقتصاديا وأمنياً،
ما سيجعل فرنسا تتراجع إلى المركز الرّابع (بعد كل من أمريكا وإسبانيا وإسرائيل)،
من حيث الأهمية الإستراتيجية في العلاقات الدولية لدى المغاربة.
فرنسا والصحراء
كما لم يفُت التقرير المخابراتي الفرنسي التذكير بأن الملك محمد السادس ما فتئ يكرر مطالبه فرنسا،
بأن تعلن موقفاً أكثر وضوحاً في ملف الصّحراء المغربية،
والذي يمنعها منه مطالبات النظام العسكري الجزائري لها بعدم تمكين للدبلوماسية المغربية من هذه الورقة
والمقابل الامتيازات الاقتصادية والسّياسية الكبيرة للدولة الفرنسية في بلاد الكابرانات.
هكذا إذن، فضح هذا التقرير المخابراتي وهو يستعرض هذه الأسباب،
الدّوافعَ الحقيقية لـ”المؤامرة” الفرنسية الجديدة ضدّ مصالح المغرب من خلال تسريب هذه التقارير،
حول الحسابات البنكية والمشاريع الاقتصادية للشّخصيات الوازنة في فرنسا في هذه الظّرفية بالذات.