اندلاع حرب “إقتصادية” بين فرنسا وإسبانيا في التفاصيل،
دقّ السفير الفرنسي في مدريد، جون ميشيل كاسا، “طبول الحرب” مع إسبانيا، عبر تغريدة ردّ فيها على تيريزا ريبيرا، النائبة الثالثة لرئيس الحكومة الإسبانية.
وغرّد كاسا في “تويتر” قائلا “لا نحبّ بعض الطرق لتعبير تيريزا ريبيرا، النائبة الثالثة لرئيس الحكومة الإسبانية، ووزيرة الانتقال الإيكولوجي والتحدّي الديموغرافي”.
وكان هذه الأخيرة قد صرّحت مؤخّرا قائلة “إنّ ما هو غير مُتجدّد لا ينبغي إدراجه على أنه هيدروجين متجدّد”، ملمّحة بذلك إلى الطاقة النووية.
وفي السّياق ذاته أوردت صحيفة “إل إسبانيول” بأن “الهيدروجين الأخضر (المُتجدّد) أو الهيدروجين الوردي (النووي).. هو السؤال لمعرفة من له اليد العليا بين فرنسا وإسبانيا،
أي من الذي سيبيع الهيدروجين في النهاية إلى ألمانيا، المُحرّك الاقتصادي لأوروبا، الذي يعتمد في صناعته كثيرا على الغاز”.
وتابعت “El Espagnol” أنه “قبل أيام قليلة، قالت تيريزا ريبيرا، النائبة الثالثة لرئيس الحكومة الإسبانية ووزيرة الانتقال الإيكولوجي والتحدّي الديموغرافي،
إنه “يجب أن نتحلى بالعقلانية والواقعية وألا ندرج الهيدروجين المُتجدّد ما لم يكن كذلك”،
مشيرة بذلك إلى اقتراح فرنسا، التي ترى أن الطاقة النووية تقنية مُتجدّدة.
وأبرزت الصّحيفة الإسبانية أن هدف ورغبة البلدين هو من سيُوفر الهيدروجين عبر خط أنابيب الهيدروجين (H2Med) المثير للجدل،
والذي يهدف إلى ربط شبه الجزيرة بفرنسا عبر أنبوب تحت الماء من برشلونة نحو مرسيليا.
وكانت النائبة الثالثة لرئيس الحكومة الإسبانية قد صرّحت مؤخرا بأن “هذا النقاش يحرّف ويشوه شيئا ضروريا لمستقبل نظام الطاقة والإشارات المتعلقة بالابتكار”.
وتابعت تيريزا، وفق ما نقلت الصّحيفة الإسبانية، أن “فرنسا تتطلع إلى إنتاج الهيدروجين في محطات الطاقة النووية،
وهو الأمر الذي لم تُخفه قط.. ويبدو الأمر معقولا لنا، لكنها لا تعتبره مُتجدّدا، لأنه ليس كذلك”.
وشدّدت المتحدّثة ذانها على “أنّ مستقبل خط أنابيب الهيدروجين ليس في خطر، لكني لا أحبّ الطريقة التي تعبّر بها فرنسا عن نفسها،
وإذا غيّرت رأيها فلتقل ذلك.. وفي كل الأحوال، نحن قلنا دائمًا إنه لا يمكن اعتبار الطاقة النووية قابلة للتجديد لتلبية الأهداف الأوروبية”.
في غضون ذلك، تساءل مهتمّون ما إن كانت للجزائر يد في هذه “الحرب” التي بدأت تستعر بين إسبانيا وفرنسا في ضوء المُستجدّات التي تشهدها الكواليس،
في ما يتعلق بمصير اتفاقيات الجزائر مع كل من إسبانيا وفرنسا بشأن الغاز الجزائري في ظلّ الأزمة الدّبلوماسية
التي تفجّرت مؤخّرا بين هذا النظام العسكري وبين البلدين الأوروبيين، لأسباب مختلفة.
في غضون ذلك، أبرز مصدر في مجلس الوزراء الفرنسي إلى أن الوزيرة الفرنسية للانتقال الطاقي، أغنيس بانيي روناتشر،
صرّحت مؤخّرا بأنّ “الجدوى الاقتصادية لمشروع “H2Med” سيطالها بالتشكيك إذا لم تأخذ نتائج المفاوضات الأوروبية بالاعتبار مسألة انخفاض كربون الهيدروجين”،
وتقصد بذلك، وفق الصّحيفة الإسبانية، “المنتج النووي”.
وتابعت (El Espagnol) أنه “في الوقت الذي يتمّ 49.6% من الكهرباء في إسبانيا باستخدام مصادر الطاقة المُتجدّدة،
تبلغ النسبة في فرنسا 26% فقط، بينما تمثل الطاقة النووية في إسبانيا 21.5% من الإجمالي،
بينما ارتفعت النسبة في فرنسا إلى 69%، وفق بيانات 2021″.
فرنسا تخسر أمام إسبانيا
وأضافت أن فرنسا تعرف أنها “خسرت السّباق على قيادة إنشاء مجمّعات الطاقة المُتجدّدة في أوروبا، لصالح إسبانيا”.
وفي سياق متصل، سبق لرئيسة المفوضية الأوروبية في مدريد (أورسولا فون دير لاين) أن صرّحت، وفق المصدر المذكور،
بأن “إسبانيا أصبحت دولة جذابة للغاية للهيدروجين الأخضر”، منوّهة بظهور “قطاع تنافسي على نطاق واسع”.
في المقابل، يبدو وضع إسبانيا مريحاً، لأنّ لديها بالفعل، وفق “إسبانيول” دائما، قطاعا متجدّدا متطورا وموارد مهمّة للغاية من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وقد أطلقت الحكومة (في ماي 2021)، وفق المصدر نفسه، خطة دعم بقيمة 1500 مليون أورو للقطاع، بتمويل من خطة التعافي الأوروبية،
وقد يصل الاستثمار الخاص إلى 8.9 ملايير في أفق 2030.
وتمثل الطاقة النووية، وفق المصدر ذاته، ثالث أكبر قطاع صناعي في فرنسا، بوجود 3 آلاف شركة في جميع أنحاء البلاد،
وأكثر من 220 ألف عامل، أي ما 6.7% من العمالة الصناعية.
ويمكن لهذه الصّناعة أن تولد قريبا موجة جديدة من الوظائف إذا تم الترويج للخطط النووية الجديدة لرئيس البلاد.
وكانت حكومة ماكرون قد أعلنت فبراير من السنة الماضية، إنشاء أسطول جديد من ستة مفاعلات “EPR” سيبدأ بناؤها في السنة الجارية.
وأبرز “El Espagnol” أنه “إذا تم المضي قدما في هذا الاتجاه فسيتطلب الأمر توظيف ما لا يقل عن 30 ألف شخص إضافي،
يتوزّعون بين 10 آلاف في التشغيل والصّيانة و 20 ألفاً في أعمال بناء المفاعل”.
في خضمّ ذلك، تذهب كلّ المؤشّرات نحو كون الجزائر والأزمات الدّبلوماسية التي تفجّرت بينها وبين إسبانيا أولا،
بسبب دعمها للطرح المغربي في ما يتعلق بالنزاع المفتعل حول الصّحراء، وبين فرنسا ثانيا، بسبب قضية أميرة بوراوي،
لها علاقة مباشرة بـ”طبول الحرب” هذه التي بدأت تدق بين فرنسا وإسبانيا بسبب الطاقة،
والغاز الجزائري حاضر في ذلك بقوة الشيء المقضي به..