فسّر مراقبون “تأجيل” المغرب للزّيارة التي كان مقرّراًأن يقوم بها الرّئيس إيمانويل ماكرون للرّباط،
في الرّبع الأول من السّنة الجارية على أنه “رفضٌ” من السّلطات العليا بالمغرب لهذه الزّيارة من الأساس.
وجاء هذا “الرّفض” المغربي لاستقبال الرّئيس الفرنسي على أراضيه ليُؤزّم أكثر العلاقات المغربية -الفرنسية، التي تعيش منذ مدة، أسوأ أيامها.
فقد بات التواصل بين البلدين شبه “مقطوع” من الجانب المغربي في ظلّ “تعنّت” ماكرون والدّولة العميقة الفرنسية ورفضها القبول بالواقع الجديد، الذي صار فيه المغرب قوة بوزن إقليميّ مؤثر.
وانطلاقاً من هذا الواقع الجديد بات المغرب في موقع قوة يؤهّله لرفض الانصياع لـ”العربدة” الفرنسية وتبنّي مواقفها،
مفضّلا البحث عن تحقيق مصالحه الإستراتيجية وفق رؤيته ومنهجه الخاصّيْن.
ورأى المتتبّعون في هذا “الرّفض” المغربي لزيارة ماكرون والذي أخذ مؤقتا طابع “التأجيل” إعلاناً صريحاً من السلطات العليا المغربية أنّ على فرنسا ورئيسها ماكرون أن يقبلا بالقواعد الجديدة للّعبة السّياسية.
وقد أعاد المغرب بهذا التأجيل/ الرّفض لزيارة ماكرون الأمور بينهما إلى نقطة الصفر، على أن تبدأ من منطلق التكافؤ،
بل على فرنسا أولا أن تعلن موقفاً واضحاً من القضية الوطنية الأولى للمملكة، أي ملفّ الصحراء المغربية.
المغرب يرفض المواقف الغامضة
وترفض المملكة أن تظلّ فرنسا على “حيادها” الغامض في هذا الملفّ تحديداً، وصار يطالبها بأن تخرج بشأنه من “المنطقة الرّمادية”،
التي ظلت تتيح لها اللعب على “الحبلين”، أي أن تواصل “تودّدها” إلى الجزائر من خلاله حين تتطلّب مصالحها ذلك.
وهو الموقف الذي بات المغرب يريد القطع معه، خصوصا بعدما اعترفت قوى دولية وازنة،
على رأسها الولايات المتحدة وإسبانيا وألمانيا وغيرها بسيادته الكاملة على صحرائه.
كما صبّ الموقف “العدائي” وغير المُبرّر لبرلمان الاتحاد الأوروبي إزاء المملكة تحت يافطة حرّية الصّحافة وحقوق الإنسان مزيداً من الزّيت على نار العلاقات المغربية الفرنسية،
لا سيما بعد ظهور مؤشّرات تدفع في اتجاه كون فرنسا هي التي وقفت وراء تبنّي المؤسسة الأوروبية المذكورة لهذا القرار.
فهل يا ترى سيسمح المغرب بعد هذا “التأجيل” لماكرون بأن يطأ أراضيه في وقت لاحق،
أم أنّ هذا التأجيل سيتحوّل إلى رفض نهائي و”قطع” للعلاقات مع حكومة الرّئيس “المتهور” إلى أن يعود إلى رشده؟…