الجزائر تسمح إنجازات المغرب من تاريخ “الشان” في التفاصيل،
يبدو أنّ مدراء “الإعلام” الرّسمي في “البْلاد اللّي هُوكّ” استوعبوا جيداً “الدرس” من إعفاء المدير العامّ “السّابق” للمؤسسة العامة للتلفزيون الجزائري (شعبان لوناكيل)،
الذي “طرده” من منصبه بطريقة غير أخلاقية جنرالات الجيش الجزائري، الحاكم الفعلي في “الجارة” الشّرقية لا لخطأ مِهنيّ جسيم ارتكبه، بل بالعكس لأنه أراد أن يكون مِهنياً ولو مرة واحدة..
فبمجرّد إعلانه في التلفزيون الرسمي (وقت الذروة) عن التأهّل التاريخي للمنتخب الوطني المغربي إلى المباراة النهائية لمونديال قطر 2022 حتى جرى “إعفاؤه” من منصبه في الحال.
ومنذ هذه الواقعة الغريبة، أصبح كل مسؤول في “الإعلام” الرّسمي الجزائري يحسبون ألف حساب حين الحديث عن أيّ “إنجاز” مغربي، في أيّ مجال،
إذ إن ذلك يُعدّ في عرف الكابرانات الحاكمين “جريمة” كاملة الأركان، بينما يُسمَح بالافتراءات والأكاذيب لتقديم صورة سلبية عن “الجار” الغربي،
بل إنّ هذه الافتراءات والأكاذيب تكون محلّ ترحيب وتقدير كبير منهم .
في هذا الإطار، تجاهلت وكالة الأنباء الرّسمية في الجزائر إنجازات الرياضة المغربية وهي تنشر، أمس الجمعة،
مقالا بعنوان “الشّان: من كوت ديفوار إلى الجزائر.. رحلة طويلة من المنافسة المحلية”،
أياماً قليلة قبل بداية كأس الأمم الإفريقيقية للمنتخبات المحلية (الشّان) ما بين 13 يناير الجاري و4 فبراير المقبل.
وقد تمّ “حجب” أية إشارة إلى “المغرب” أو “أسود الأطلس”، أو حتى اللاعبين (الكعبي ورحيمي) من هذه المقالة،
التي “رصد” فيها كاتبها تفاصيل هذه التظاهرة الكروية الإفريقية، والبلدان التي استضافت دوراتها السابقة،
ناهيك عن اللاعبين الذين بصموا على مردود جيّد خلالها.
حدَث كلّ هذا “التجاهل” لذكر “المغرب” (عقدة العسكر الأبدية) رغم أن المغرب نظمت نسخة 2018 وفاز بها!..
كما فاز بالدورة الأخيرة للمسابقة التي نُظّمت بالكاميرون، محققاً بذلك رقماً قياسياً، كأكثر بلد مُتوّج بالبطولة، إلى جانب الكونغو..
لكنّ وكالة الأنباء الجزائرية “ترصّدت” لكلّ هذه الإنجازات و”أقصتها” من حيّزها الإخباري فقط لأنّ هذا باسم “المغرب”،
ولم تورد عنها شيئاً ولا عن اللاعبين المتألقين الذين بصموا بإنجازاتهم مسابقة “الشّان” وصنعوا أمجادها.
هكذا لم تجد “الجزائري أدنى حرج في الكتابة عن هلال السوداني (2011) وعن التونسي يوسف مساكني (2011)
وعن المالي إيف بيسوما (2016) والإيفواري ياو سيرج نغيسان (2016)،
الذين تألقوا في المسابقة، بينما “أقصت” اسم المهاجم أيوب الكعبي (أفضل هدّاف في تاريخ الشان بـ12 هدفًا) ومواطنه سفيان رحيمي،
الذي صُنّف كأفضل لاعب وأفضل هدّاف في دورة الكاميرون قبل سنتين ولا عن يحيى جبران،
الذي كان قد تألّق في “الشّان” وشارك في الإنجاز التاريخي للمنتخب المغربي في المونديال الأخير بقطر.
المغرب.. تجاهل مقصود
وطبعاً لم يُفاجئ هذا “التجاهل” لكلّ ما هو مغربي أحداً ما دام الجميع صاروا يعرفون
أنّ العسكر تجاهلوا الإنجاز غير المسبوق قارياً وعربيا لـ”الأسود” في مونديال قطر،
خصوصاً أنّ هؤلاء العسكرهم من يتولون الرّئاسة الدّورية لجامعة الدول العربية، والذين كان يُفترَض أن يكونوا أول مَن يُهنّئون المغاربة.
لكنّ الإنجاز المغربي بوصف “أسود الأطلس” أول منتخب إفريقي وعربي يتمكّن من بلوغ “المربّع الذهبي”
في المونديال قضّ مضاجع الكابرانات مجدّدا وشكّل بالنسبة إليهم كابوسا مخيفاً،
وهُم الذين “طردوا” رئيس التلفزيون الرّسمي لا لشيء إلا لأنه تمّ ذكر اسم “المغرب” في إحدى نشرات القطب العمومي الذي يديره.
فما بالك بأن يتمّ ذكر اسم “أسود الأطلس” في التظاهرة التي ستحتضنها ملاعب الجزائر بعد أيام؟!.
لكنّ كلّ هذا ليس بغريب، فالكلّ صار اليوم يعرف أنّ الإعلام الجزائري الرسمي تعدّى في توجّهاته فظاعات اختياراته و”خطّه التحريري” (من “الحريرة” وليس من التحرير)
حتى نظيره الكوري الشمالية ولو تعلّق الأمر بالمجال الرياضي، فاسم “المغرب” باتَ منذ فترة طويلة من “المحظورات” في هذا الإعلام المسكين .
ونختم بسؤال نوجّهه لـ”مقصّ الرّقيب” في وكالة الأنباء الجزائرية: ماذا سيكون ردّكم إذا قبل المجلس العسكريّ بالسّماح للطائرة المغربية بالتحليق بالمنتخب المغربي رأساً إلى قسنطينة؟
ثمّ ماذا لو تمكّن هذا المنتخب من التتويج ببطولة”الشان” المنظمة بالجزائر؟ كيف سـ”يقصّ” في هذه الحالة اسم “المغرب” كبلد مُتوّج؟..
ولن نستغرب لو لجأ هذا الرّقيب مجدّداً إلى بناء فعل “التتويج” إلى “المجهول” فقط لأنه “مغربي”،
كما سبقت إلى ذلك قناة جزائرية بعدما أقصى المنتخب المغربي نظيره البرتغالي في دور الرّبع وتأهّل إلى “المُربّع الذهبي”..
إذ لم تجد هذه القناة البائسة أدنى حرج في أن تكتُب في شريط الأخبار أسفل الشّاشة: “المنتخب البرتغالي يخرج من المونديال”…
مَن أخرج هذا المنتخب البرتغالي؟… العالم كله يعرف أنه “المغرب” إلا… “جار” المغرب، المسكين!