تعليقا على رهانات النظام الجزائري من تنظيم القمة العربية على أرضيها، قال تاج الدين الحسيني أستاذ العلاقات الدولية،
“أعتقد أن العقيدة العسكرية للنظام الجزائري تعتمد على محورين أساسيين،
الأول هو كونها تعتقد أن قوتها لا تكمن إلا في وضعف محيطها،
وهي لا ترى في هذا المحيط إلا دولة واحدة وهي المغرب، وبالتالي فكل جهودها موجهة نحو تطويق المغرب وإضعاف دوره في المجال الإقليمي قبل كل شيء”.
كاشفا مثالا على ذلك بالقول “لدينا عبرة بالنسبة لما جرى في تونس من تقديم لدعم بمئات الملايين من الدولارات لم يكن هدفها إعانة الشعب التونسي في محنته ودعمه،
بل كان الهدف الوحيد هو انتزاع تطور أو انقلاب في الموقف التونسي من قضية الوحدة الترابية،
والذي ظل موقفا راسخا منذ عهد الحبيب بورقيبة حتى الآن ما حدث لا يشكل مؤامرة يقودها النظام الجزائري مع تونس بل مع شخص وحيد،
وهو قيس سعيد الذي احتكر السلطة ومارس نوعا من الديكتاتورية يكاد يكونوا يعتبرونها نوعا من الانقلاب على الشرعية،
وكذلك على الدستور السابق وعلى العلاقات المفضلة مع بلدان المغرب الكبير جميعا،
خاصة وأنهم كانوا يعتبرون أن تونس قد تكون بفضل حكمة قيادتها وحيادها الإيجابي أفضل وسيط لإعادة المياه إلى مجاريها في منطقة المغرب الكبير”
وأضاف المتحدث ” اليوم، تم محو هذه الصورة بسبب القرار غير المسؤول الذي اتخذه رئيسها قيس سعيد وأعتقد أن الأمور ستسير إلى ما هو أسوء في مستقبل غير بعيد،
من جهة أخرى نلاحظ كذلك أن النظام الجزائري يحاول تطويق المغرب على كل المستويات،
فالمنفذ الوحيد الذي مازال أمامه نحو إفريقيا هو موريتانيا وهناك محاولات جادة وقوية وجارية الآن من طرف الجزائر لاحتواء النظام الموريتاني مجددا،
وهم يعلمون أن هذا البلد حلقة ضعيفة في التوازن المغاربي وهناك دعوات في تنظيم مناورات مشتركة في المحيط الأطلسي،
وفتح طريق جديدة بين الجزائر وموريتانيا في محاولة لتجاوز معبر الكركارات“، يشير تاج الدين الحسيني.
النظام الجزائري يبحث عن موطن قدم
وكشف المتحدث ذاته، أن “النظام الجزائري يحاول إعادة موريتانيا إلى السياسات السابقة التي تلت انهيار نظام المختار ولد دادة.
وبالتالي، أظن أن الديبلوماسية المغربية عليها أن تأخذ جانب الحذر في ما يتعلق بهذه التطورات الهادفة إلى تطويق المغرب في حدوده الوطنية،
ومنع إشعاعه على الصعيدين الإفريقي والعربي”.
واعتبر أستاذ العلاقات الدولية، “أن النظام الجزائري اليوم يقود نوعا من البحث في إطار سياسة المكانة،
عن موقع جديد له داخل المجموعة العربية،
بعد تعرض عدد من الأنظمة للانهيار وأصبحت دولها فاشلة (FAILED STAT5ES) مثل سوريا والعراق وليبيا واليمن،
وهي تبحث على أنقاض هذا التدهور الذي تعيشه المنطقة العربية، لكي تجد لها مكانا يعطيها موقع الريادة في الوضع الراهن.
هذه الريادة لن تكون، فالجميع يعلم التناقضات الجوهرية القائمة بين الكثير من البلدان العربية والنظام الجزائري،
سواء على مستوى تحالفاته ذات الطبيعة الاستراتيجية أو على مستوى صبغته العسكرية الديكتاتورية،
أو على مستوى طموحاته للهيمنة التي لم تعد تخفى على أحد.” يختم المتحدث تصريحه.