أنا الخبر | Analkhabar
قررت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، اعتماد خطبة موحدة الجمعة القادمة 24 يونيو الجاري، حول “نعمة الماء”، وضرورة ترشيد استعمالها.
ودعا الوزير في مذكرة له مندوبي الشؤون الإسلامية إلى تبليغ نص الخطبة الموحدة إلى جميع الخطباء، مع حثهم على وجوب التقيد بها وعدم التصرف فيها.
وهذا نص الخطبة:
“الخطبــــــ1ــــــة الأولـــــــــ1ـــــــــى
خطبة موحدة: نعمة الماء والاقتصاد في استعماله
الحمد لله الذي جعل من الماء كل شيء حي، وجعله قوام الحياة للأنام والدواب والنبات، سبحانه لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المومن المهيمن العزيز الجبار المتكبر، له الأسماء الحسني، يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المومنون، إن الدين الإسلامي الحنيف، دين الدعوة إلى السلوك القويم والتعامل مع الله بالقلب السليم، هذا الدين مبني على أسس من الأخلاق المتينة، ومن أركانها شكر النعم، كل النعم، ومنها نعمة الوجود، ونعمة الإيمان، ونعمة الصحة، ونعمة الرزق، ونعمة الأمن، وغير ذلك مما هو هبة من الله تعالى وعطاء، قال عز وجل: “وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها“.
وإن من النعم العظمي التي أنعم الله بها على عباده والتي تستوجب الشكر الدائم بالمحافظة عليها: نعمة الماء، قال الله تعالى: “وجعلنا من الماء كل شيء حي“، فالماء معجزة ربانية، وينبوع الحياة، وسر الوجود، وروح الحضارة، وسيد الشراب، وعنصر أساسي في تكوين الكائنات الحية، وعامل جوهري لكل نشاط اقتصادي، يشكل حجر الزاوية لكل تنمية اجتماعية واقتصادية للبلاد، فهو الذي يحيي البلد الميت، فيسري في العود، ويشيع في الجو، ويدب في الأجسام، وينشأ عنه بعث ونشور، يقول الله تعالى: “وترى الارض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج هيج“، وقال عز من قائل: “والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآية لقوم يسمعون”.
والملاحظ أن لفظ “الماء“، في القرآن الكريم ورد في ثلاثة وستين موضعا، معظمها ذكر في السور المكية: في نحو ثمانية وأربعين موضعا، وهذا في حد ذاته دليل على أهمية الماء في جدل القرآن مع مخالفيه.
وقد اعتنى الفقه الإسلامي أيما اعتناء بموضوع الماء، حيث تناول الفقهاء كثيرا من القضايا المتعلقة به سواء ما تعلق بأنواع المياه والقواعد المتعلقة باستعمالها والانتفاع منها. غير أن من أهم الأمور في موضوع الماء أخلاق التعامل الفردي مع الماء، وقاعدة الأساس في هذه الأخلاق تقوم على ضرورة تجنب الإسراف والتبذير، فالمؤمن يتميز بضمير حي حاضر يحاسبه في كل وقت، فلو أخذنا مثالا وحيدا وهو استعمال الماء في الوضوء، لوجدنا أن الإكثار من صب الماء مكروه: فما بال الإسراف في أنواع أخرى من الاستعمال، قال تعالى: “وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين“.
عباد الله، إن الإسلام يوجب علينا المحافظة على نعمة الماء وشكر الله تعالى بعدم لما لها من دور استراتيجي في التنمية الشاملة، وهذا ما جعل بلادنا تولي تدبير المياه أهمية قصوى، حيث نهجت سياسة مائية اتسمت بالاستشراف والاستباقية من خلال إنجاز بنية تحتية مائية مهمة مكنتها، من ضمان حاجياتها من هذه المادة الحيوية وذلك في ظل عدم انتظام الموارد المائية في المكان والزمان، فقد شهدت بلادنا خلال السنوات الأخيرة ظروفا مناخية صعبة، اتسمت بانخفاض ملحوظ في التساقطات مما أثر سلبا على حجم الواردات على مستوى حقينات السدود.
وفي هذا السياق، يسجل التاريخ بمداد الفخر والاعتزاز السياسة الحكيمة للمغفور له جلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه فيما يتعلق ببناء السدود من أجل تحقيق الأمن المائي لهذه الأمة وقد واصل مولانا أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله نهج هذه السياسة الرشيدة، والخطة المتبصرة الحكيمة، حتى يؤمن الموارد المائية للأجيال الحاضرة والمقبلة.
وتنفيذا للتوجيهات السامية لمولانا أمير المومنين، الذي ما فتئ يولي الماء بالغ اهتمامه، أصبح لزاما تكثيف التواصل والتحسيس حول الوضعية الراهنة للموارد المائية الوطنية بغية ضمان انخراط المواطنين والمواطنات، في المجهودات المبذولة للحفاظ عليها.
هذا الانخراط لن يكون فعليا إلا بتبني المواطنين والمواطنات لسلوكيات إيجابية اتجاه الماء، تعتمد الاقتصاد في الاستعمال وترشيد الاستغلال، مع التحلي بالمسؤولية اتجاه هذه المادة الحيوية.
نفعني الله وإياكم بالقرآن المبين وبحديث سيد الأولين والآخرين، وجعلنا من الشاكرين لأنعمه وآلائه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الخطبــــــ2ــــــة الثانيـــــــــ2ــــة:
الحمد لله رب الأرض والسماوات العلي، الذي خلق فسوى، والذي قدر فهدى، والذي أخرج المرعى فجعله غثاء أحوى، والصلاة والسلام على نبي الهدى، وعلى آله وصحبه المهتدين، وعلى من سار على نهجهم وهديهم إلى يوم الدين.
أيها المومنون، الماء من أعظم وأجل نعم الله على خلقه وذهابه انتهاء للحياة، وتبذيره سلوك مذموم، وخزنه أمر مطلوب، وترشيد استعماله واجب ومحمود.
وإن الاقتصاد في الماء أهم من الاقتصاد في غيره، إذ عليه يتوقف كل شيء في الحياة، والناس عاجزون عن صنعه، بل وحتى عن استيراد كفايتهم منه، ولذلك يتوعد من لا يقدرون قيمته بقوله تعالى: “قل أرايتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن ياتيكم بماء معين”، فإن لم تقتصد فيه صار غورا لا يدرك إلا بالحفر في الأعماق“.
أيها الناس، اقتصدوا في كل شيء، فإن الاقتصاد أخلاق، والأخلاق إيمان، ومن لم يقتصد عرض نفسه لأن يكون من الذين لا يشكرون نعم الله، ومن ثم يعرضونها للزوال، روي عن أنس بن مالك، رضي الله عنه قال: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد، ويتوضأ بالمد“، والمد ملء اليدين المتوسطتين، وإذا كان الاقتصاد في استعمال الماء في العبادة مطلوبا فالاقتصاد في غير العبادة أولى وأحرى.
معشر الصالحين، إن الإنابة إلى الله، واتباع أمره ونهيه، والرغبة في رضوانه واتقاء عقابه، والعض بالنواجذ على شريعته، كلها عوامل تحرك الكون بحارا وغيوما ورياحا لصالح الانسان، فتجود السماء بماء طهور عذب فرات، مصداقا لقوله تعالى: “فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا، يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا“.
فاللهم اجعلنا من المومنين الصادقين، ومن الأوابين المستغفرين، واحشرنا في زمرة من قلت فيهم وقولك الحق: “وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا“.
فاللهم أدم علينا نعمك واحفظها من الزوال، واجعلنا لك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين، يا رب العالمين.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، كما صليت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين. وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين ساداتنا أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر الصحابة أجمعين.
وانصر اللهم مولانا أمير المومنين، وحامي حمى الملة والدين، صاحب الجلالة حمدا السادس، نصرا عزيزا تعز به الإسلام، وتجمع به كلمة المسلمين، واحفظه بما حفظت به السبع المثاني والقرآن العظيم، وأقر اللهم عين جلالته بولي عهده صاحب الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن، وشد أزره بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير السعيد مولاي رشيد، واحفظه في كافة أسرته الملكية الشريفة،
اللهم تغمد بواسع مغفرتك ورحمتك ورضوانك الملِكَين الراحلين، مولانا محمدا الخامس، ومولانا الحسن الثاني، اللهم أكرم مثواهما، وطيب ثراهما، وارفع مقامهما في أعلى عليين مع الذين أنعمت عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
اللهم إنا نسألك رضاك والجنة ونعوذ بك من سخطك والنار.
اللهم اسق عبادك وبهيمتك وانشر رحمتك وأحي بلد الميت، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.
ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين والحمد الله رب العالمين”.