بقلم: جعفر الحر
تناقلت وكالات الأنباء العالمية ومختلف وسائل الاعلام أخبار سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية (ولاية الساحل) على منطقة شاسعة جنوب مالي على الحدود مع النيجر، من بينها مناطق ومدن بأكملها مثل ميناكا وأندرامبوكان وتملات وإميس إميس وإيناكار وغيرها، والتي هجرها سكانها المدنيين تاركين وراءهم منازلهم وقطعانهم، وتتميز هذه المنطقة بتواجد المحمية الطبيعيية “أنسونغو-ميناكا والتي توفر موارد مائية وطبيعية للاستقرار، إضافة أنها ملجأ من الضربات العسكرية الجوية، والتي تقلصت بدورها بشكل كبير بعد انسحاب القوات الفرنسية وعدم قدرة القوات المالية السيطرة على المنطقة.
وتشير التقارير الإعلامية أن هذه المناطق لم تعد فقط مناطق تجول أو كر وفر لأفراد تنظيم الدولة الاسلامية ضد الجماعات الانفصالية لأزواد والطوارق والعرب وعرقيات أخرى، بل تحولت لمنطقة سيطرة للتنظيم الذي شيد مقرات لقياداته ومستوصفات بها، وتأتي هذه التطورات بعد مواجهات دامية مع الجماعات الانفصالية والتي أسفرت عن مقتل الأمير الجديد لداعش بمنطقة الساحل، يوسف ولد شعيب الملقب ب’أبو البراء الأنصاري الصحراوي’، الذي خلف “أبو وليد الصحراوي’ الذي قتلته القوات الفرنسية في 16 شتنبر الماضي.
التطورات الأخيرة تحيلنا على التحذيرات الأخيرة التي أطلقتها الدبلوماسية المغربية، خلال اجتماع للتحالف الدولي ضد داعش بمراكش (11 ماي 2022)، والقمة الاستثنائية للاتحاد الإفريقي حول موضوع “الإرهاب والتغييرات غير الدستورية للحكومات في القارة الافريقية” بمالابو عاصمة غينيا الاستوائية (28 ماي 2022)، حيث حذر ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربي، من تمدد تنظيم داعش الارهابي غرب إفريقيا مستغلا تقاطع ظاهرة الارهاب مع الانفصال والجريمة والتغييرات غير الدستورية للحكومات.
التحذيرات المغربية جاءت نتيجة قراءة استشرافية للأوضاع التي تعيشها منطقة الساحل الافريقي، والتي تتميز بعدم الاستقرار وتغذية الصراعات من طرف دول ترى في ذلك منفعة لها على المستوى الداخلي والإقليمي، على رأسها النظام العسكري الجزائري الذي يحتضن ويمول ويدرب حركات انفصالية وإرهابية، ويؤكد ذلك ارتباط هذه الجماعات وقادتها بالمخابرات الجزائرية التي تتدخل بشكل مباشر في تعيينهم، كمثل ب”أبو البراء الأنصاري الصحراوي” الذي يعد من عناصر ميليشيات “البوليساريو” والذي قضى حياته بالمخيمات بتندوف، وهو خريج مدرسة تكوين مسلحي ميليشيات عصابة “بوليساريو” لما يسمى “الشهيد مصطفى الوالي” بالجزائر.
تستدعي التطورات الأخيرة جنوب مالي تحركا سريعا للدول الافريقية، خاصة دول الساحل، ومؤازرة قوية من دول العالم للقضاء على تمدد الارهاب ودعاوى الانفصال المشبوهة، خاصة أنهما وجهان لعملة واحدة، تغذيها أطماع أنظمة عسكرية ترى في ذلك مصلحة لها، إضافة إلى دخول مجموعات مرتزقة على الخط، كالبوليساريو وفاغنر، التي تستغل حالة عدم الاستقرار للربح المادي من خلال القتل والجريمة وتجارة السلاح والمخدرات.