أنا الخبر ـ متابعة
يبدي المغرب عزما قويا على إنهاء النزاع طويل الأمد حول الصحراء المغربية لصالحه، بعدما تقوى موقفه بدعم الولايات المتحدة، فضلا عن ألمانيا وإسبانيا مؤخرا، ولو اقتضى منه ذلك الدخول في أزمات مع حلفائه، بحسب محللين.
ويوضح أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط تاج الدين الحسيني أن “قضية الصحراء تحظى بالإجماع لدى كافة مكونات المجتمع المغربي، وهي الأولوية المطلقة لكل مغربي”.
وفي هذا الصدد، كثف المغرب في السنوات الأخيرة مساعيه لكسب التأييد لمقترحه بحل النزاع، من خلال منح المنطقة حكما ذاتيا تحت سيادته، وتظل هذه القضية “المبتدأ والمنتهى للدبلوماسية المغربية”، كما يؤكد المؤرخ الفرنسي المتخصص في الشؤون المغاربية بيار فيرموران.
وقد أثمرت هذه المساعي مؤخرا إعلان كل من ألمانيا وإسبانيا تأييد المقترح المغربي العائد للعام 2007، وتعتبره الرباط الحل الوحيد لهذا “الخلاف”. وهما الإعلانان اللذان أنهيا أزمتين دبلوماسيتين بين الرباط وهذين البلدين.
فبعدما ظلت على الحياد لعقود، باتت إسبانيا تعتبر الخطة المغربية، “بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف”.
ودافع رئيس حكومتها بيدرو سانشيز عن هذا المنعطف في سياسة بلاده إزاء النزاع، باعتباره ضروريا من أجل علاقة “أكثر صلابة” مع المغرب، الذي يعد شريكا تجاريا رئيسيا للجارة الإيبيرية، وحليفا “استراتيجيا” في مكافحة الهجرة غير النظامية.
تبعا لهذا التحول ينتظر وصول وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس الجمعة إلى الرباط، لإحياء العلاقات الثنائية بين البلدين، وذلك بعد أزمة دبلوماسية حادة، بسبب استضافة اسبانيا زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي للعلاج منذ نحو عام، واعتبرت الرباط تغير الموقف الإسباني “إنجازا دبلوماسيا”.
ويرى أستاذ الدراسات العربية والإسلامية بالجامعة المستقلة لمدريد بيرنابي لوبيز “من دون شك أن هذا انتصار للمغرب على المدى القصير”، مستدركا “لكن من الصعب معرفة ما إذا كان تغير الموقف الإسباني سيكون له أثر ملموس”.
ويضيف “يجب أن ننتظر لنرى هل سيكون هناك توافق جيد في المستقبل بين الرباط ومدريد، وهل سيساعد ذلك بلدانا أخرى على تبني” نفس الموقف.
فمنذ اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء أواخر 2020، بدأت المملكة تضغط على المجتمع الدولي لحمله على أن يحذو حذو واشنطن.
وقد جدد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، عقب استقبال نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن الثلاثاء بالرباط، دعوة أوروبا إلى الانتقال من مجرد “دعم مسلسل” سياسي لحل النزاع إلى تأييد مخطط الحكم الذاتي، الذي تعتبره الرباط الحل الوحيد، ضاربا المثل بإسبانيا.
كما سبق للملك محمد السادس أن نبه “أصحاب المواقف الغامضة أو المزدوجة”، بأن المغرب “لن يقوم معهم بأي خطوة اقتصادية أو تجارية لا تشمل الصحراء المغربية”.
وتعتبر المحللة السياسية خديجة محسن فنان أن هذا “الاندفاع المغربي يتم في وقت تتركز فيه أنظار العالم حول أوكرانيا”.
وترى أنه يأتي أيضا “نتيجة لمسلسل طويل سعى فيه المغرب إلى أن يصبح عنصرا ضروريا بالنسبة للغرب، في قضايا مثل الهجرة والأمن ومكافحة الإسلاموية” المتطرفة.
بموازاة ذلك تبدو الجزائر، الحليف الرئيسي لجبهة البوليساريو، معزولة بحسب خبراء، بينما تبذل الأمم المتحدة مساعي صعبة لإحياء المفاوضات بين أطراف النزاع، المتوقفة منذ 2019، من أجل التوصل إلى “حل سياسي”.
من جهته يرى فيرمران أن “المغاربة استخلصوا جيدا دروس الوضع الجيوسياسي الحالي، فموازين القوة باتت هي المعيار على حساب القانون الدولي”.
ويبدو موقف المغرب إزاء الأزمة الأوكرانية مؤشرا واضحا على عزمه التخلص من أية وصاية للدفاع عن مصالحه، حيث لم يشارك في التصويت على قرارين للأمم المتحدة يدينان الغزو الروسي لأوكرانيا، متجنبا بذلك الانحياز لأي من طرفي الأزمة.
بينما أشادت تعليقات صحف مغربية بهذا الحياد “الحكيم”، رأى محللون أنه يدل على رغبة الرباط عدم استعداء روسيا العضو دائم العضوية في مجلس الأمن، الذي يتولى النظر في نزاع الصحراء.