أنا الخبر ـ متابعة
لجأت حكومة بيدرو سانشيز إلى خط الدفاع الأخير من أجل طي ملف دخول زعيم جبهة “البوليساريو” إلى إسبانيا بشكل غير قانوني، والمعروض أمام القضاء الذي يتابع فيه وزيرة الخارجية السابقة أرانتشا غونزاليس لايا ومدير ديوانها كاميلو فيارينو، حيث قام الدفاع بوضع مذكرة حكومية على طاولة القاضي رافاييل لاسالا للدفع بسرية المعطيات التي يُطالب المسؤولين الحكوميون والعسكريين بالكشف عنها في هذه القضية.
وبعد أن استمرت محكمة سرقسطة في مسطرة المتابعة بالاستماع إلى المتهمين الرئيسيين والشهود المنتمين للقوات المسلحة الإسبانية والشرطة الوطنية، رغم وقوف النيابة العامة إلى جانب الوزيرة السابقة ومساعدها باعتبارهما يمثلان مؤسسة الدولة، وضعت المحامية ماريا ديل مار غونزاليس أمام قاضي التحقيق مذكرة يعود لسنة 2010، أي إلى عهد رئيس الحكومة الاشتراكي الأسبق خوسي لويس رودريغيز ثباتيرو.
وكشفت صحيفة ABC وفق ما كتبته “الصحيفة”، عن مضامين هذه الوثيقة التي ظلت سرية منذ تبنيها من طرف مجلس الوزراء في 15 أكتوبر 2010، حيث تتضمن 14 نقطة ترتبط بالعلاقات الخارجية لإسبانية والتي تخضع للسرية بشكل رسمي، وعمليا تتيح المذكرة تحويل أي إجراء أو مراسلة أو وثيقة إلى “سر حكومي” بطريقة أو بأخرى بسبب الصيغ الفضفاضة المُعتمدة.
وتنص النقطة الأولى على أن “المواقف والاستراتيجيات الرئيسية لإسبانيا في المفاوضات السياسية والاقتصادية والتجارية التي تتعلق بمصالح الدولة العليا في المجالات الثنائية وفي العلاقة مع الاتحاد الأوروبي ومنظمة حلف شمال الأطلسي والأمم المتحدة والمؤتمر الإيبيرو أمريكي أو أي من المنظمات الدولية الأخرى، تخضع للسرية”، وهذه النقطة تحديدا تحول جميع التحركات والعلاقات الخارجية لإسبانيا إلى سر من أسرار الدولة.
لكن دفاع وزيرة الخارجية السابقة ومدير ديوانها استند إلى نقطتين أخريين تنسحبان على قضية إبراهيم غالي، إذ تنص المذكرة على أن “الإجراءات المتعلقة بقضايا اللجوء واللاجئين”، و”القضايا الإنسانية الحساسة التي يجري التفاوض بشأنها مع دول أخرى” تخضعان للسرية، وهو الأمر الذي ترى الحكومة الإسبانية أنه ينطبق على قرار دخول زعيم “البوليساريو” لكونه “لاجئا صحراويا” ولأنه قدم من أجل العلاج نظرا لوضعه الصحي المتدهور حينها، كما أن هذا الأمر خضع للتفاوض مع الجزائر.
وتعول حكومة سانشيز على هذه الاتفاقية بسبب بند آخر، والذي ينص على أن “جميع المعلومات المتعلقة بالمواقف الإسبانية من النزاعات الدولية أو الداخلية ذات الطبيعة السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو التجارية، التي قد تعرض المصالح الإسبانية للخطر أو تهدد قدرتها على الحوار مع دول أخرى، يمكن أن تُعلن على أنها سرية”، وهو بند ينسحب على المغرب إذ يمكن للمعطيات التي قد يكشفها التحقيق القضائي أن تعمق الأزمة القائمة بين الرباط ومدريد.
ويمكن لهذه المذكرة أن تعرق بشكل كبير المسار القضائي للقضية التي يتهم فيها المسؤولون الحكوميون الإسبان بالتضليل والمراوغة والتستر على شخص مطلوب للقضاء، بحكم أنه سيُتيح للمتهمين والشهود عدم التجاوب مع أسئلة قاضي التحقيق، غير أن المحامي الذي حرك القضية، أنطونيو أوردياليس، يعمل على الطعن فيها من خلال دفع المحكمة إلى عدم اعتماد مضامينها لكونها لم تنشر بأي شكل من الأشكال وهو ما يُشترط في الوثائق القانونية المماثلة ليصير التعامل بها رسميا.