أنا الخبر ـ متابعة
في تصعيد جديد ومتواصل من الجزائر، وفي نبرة فيها نوع من التحدي والعجرفة في وقت اختار المغرب لغة الحكمة والثبات، خرج قبل قليل عقيد في الجيش الوطني الشعبي الجزائري، رمضان حملات بتصريح يحمل الكثير من دلالة واحد ووحيدة، مفادها أن الجزائر “عوالة” على نشر الفتنة وجر المغرب إلى حرب قد تكون لها عواقب وخيمة على المنطقة المغاربة والإقليمية، حيث قال هذا العقيد العسكري، إن الرد الجزائري المناسب يجب أن يكون عسكريا حيث يقول إن “الرد الأمثل هو ضرب المنطقة التي انطلقت منها الجهة التي اعتدت على القافلة الجزائرية، أما إن كانت الانطلاقة من نقطة حساسة، أو مطار مدني فوجب قصفها”.
ويضيف العقيد الجزائر المتقاعد وفق ما كتبته “الصحيفة” قبل قليل، “هذا الرد هو رسالة قوية من الجزائر، أن هنالك جهازا استخباراتيا قادرا على التقاط المعلومة وتوظيفها” مشيرا إلى أن “الرد العسكري الجزائري إن حصل فلا يمكن للمخزن مواجهته، لأن الجيش الجزائري أقوى بكثير”.
هذا، التصريح من العقيد المتقاعد المذكور، يتفق معه عدد من السياسيين والعسكريين الجزائريين، لكن هناك أطراف جزائرية أخرى تُحذر من التهور والإنسياق وراء حرب لا طائل منها، وتتوافق مع ما قاله الباحث في الشأن الأمني محمد بشير لحسن، في تصريح للشروق حيث قال إن “الجزائر لن تنجر إلى عملية استنزاف أو حرب مباشرة لم تختر ظروفها ومكانها، ولا يمكن إغفال الكيان الصهيوني مما يجري”، مضيفا أن “القيادة السياسية والعسكرية الجزائرية واعية بهذه الأمور، وأجزم أن الجزائر ستدرس كل الخيارات وإمكانات الرد المتاحة لها”.
توجه الجزائر لدراسة “كيفية” الرد على المغرب، فرضته “وقائع صارخة” جعلت الجزائر في مأزق حقيقي، لأن حوادث الاستهداف، حسب العديد من الخبراء، تُقابل برد عسكري سريع دون أي دراسات أو مقدمات، مثلما يحدث حاليا في العديد من أماكن النزاع في العالم، وأبرزها ما يحدث بين السعودية واليمن، فما هي هذه الوقائع التي تجعل الجزائر في مأزق حول كيفية الرد على المغرب؟
من خلال المعطيات المتوفرة حول هذه الحادثة التي أوردتها “الصحيفة”، يبدو واضحا أن الاستهداف، سواء كان بـ”درون” مغربية، أو بسبب حقل ألغام مغربي، فإنه لم يحدث داخل الحدود الترابية الجزائرية، وإلا لكان الرد العسكري الجزائري، خيارا منطقيا ومقبولا حتى على المستوى الدولي، لكن هذا لم يحدث وبالتالي، فإن الجزائر لا تملك أي ذريعة حقيقية للرد العسكري.
الواقع الآخر، والذي تُخفيه الجزائر، هو أن الحادث وقع في مكان يعرف نزاعا مسلحا تُروج له كل يوم عبر وسائل إعلامها الرسمية، حيث تشير إلى وجود مواجهات و”أقصاف” مستمرة بين عناصر جبهة “البوليساريو” والقوات المغربية، وبالتالي، فإن النظام الجزائري في هذه الحالة وفق المبادئ الدولية، يتحمل مسؤولية أخلاقية حول مقتل 3 من رعاياه، حيث كان يجدر به تحذير المواطنين الجزائريين من سلك هذه المناطق مثلما فعلت إسبانيا وأمريكا بشأن عبور طائرات مدنية فوق هذه المناطق الصحراوية.
واقع إضافي يزيد من المسؤولية الأخلاقية الجزائرية تجاه الحادث، هو أن المنطقة نفسها شهدت في الشهور والأسابيع الماضية تعرض عدد من الشاحنات التابعة لجبهة “البوليساريو” لقصف واستهداف من القوات المغربية، وقد أعلنت وسائل إعلام النظام الجزائري عن هذه الأحداث، ومن أبرزها قصف مركبات وشاحنات لـ”البوليساريو” ومصرع قائد الدرك التابع للجبهة “الداه البندير”، وعليه، يبقى واردا جدا أن القوات المغربية شكت في انتماء الشاحنات الجزائرية للبوليساريو.