أنا الخبر ـ متابعة
تتوالى الخطوات التصعيدية التي يقودها النظام العسكري الجزائري ضد المغرب تباعا، خاصة بعد قطع العلاقات بين الجانبين بإعلان أحادي من طرف وزير الخارجية الجزائرية، رمطان العمامرة، في 24 من غشت المنصرم.
وبعد إعلان الجزائر إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات المغربية في 22 من شتنبر الحالي، وما تلاها من تحركات على الحدود الشمالية الشرقية للبلاد أمس الخميس، جاء الدور على تمهيد لتصعيد آخر على لسان عمار بلاني مسؤول ملف دول المغرب العربي بوزارة الخارجية الجزائرية، في تصريح، أمس الجمعة 24 شتنبر الجاري لوكالة “رويترز”، حيث قال إن “من غير الممكن استبعاد اللجوء لإجراءات إضافية”، فماذا يمكن ان تتخذه الجزائر من خلال هذا التلميح؟.
وفي هذا الصدد، أوضح المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية، تاج الدين الحُسَيْني، أن “ما يمكن ملاحظته هو أن السياسة الجزائرية، للأسف الشديد، تسير في مصار تصعيدي لا مثيل له، منذ تنصيب كل من شنقريحة كرئيس للقوات المسلحة وعبد المجيد تبون كرئيس للدولة، فمنذ ذلك التاريخ والأمور تسير في تصعيد لم يسبق له مثيل”.
وتابع الحُسَيْني، في تصريحه لـ”آشكاين”، أنه “لاحظنا كيف أن الفلاحين المغاربة طردوا من أراضيهم، رغم أن سيادة الدولة لا تتدخل في أملاك القطاع الخاص، والملكية حق مقدس في كل الدساتير الدولية”.
“والأكثر من ذلك”، يستطرد محدثنا “بلغ الأمر إلى مسألة استدعاء السفير وبعدها قطع العلاقات، والآن إغلاق المجال الجوي، ناهيك عن التصريحات المستفزة التي صدرت عن الرئيس تبون أو عن شنقريحة الذي اعتبر المغرب بمثابة عدو كلاسيكي، وما يرافق كل هذا في الواقع خلال هذه السنوات القليلة الماضية، حيث أصبحت الجزائر أول دولة تتسلح في مجموع قارة إفريقيا، وهذا شيء خطير”.
ويرى الخبير نفسه، أن “هذه الطغمة العسكرية لها منطق جديد في التعامل مع الأشياء، وأن لها الاختيار، إما أن تترك الأمور على ما هي عليه، حيث قد يظهر نوع من الانتصار المغربي في قضية الصحراء، وتخبو كل آمالها التي نسجتها منذ أكثر من أربعة عقود، أو يتحرك في الداخل الحراك الجزائري، بعد الأزمة الاقتصادية التي أصبحت تعيشها في الداخل والغلاء الفاحش في المواد الأساسية الذي يعاني منه الشعب الجزائري، ناهيك عن تدهور عملة الدينار”.
وأضاف أن “هذا النوع من الأوضاع الاجتماعية، إذا هي ارتبطت بالواقع الاقتصادي، فستؤدي إلى اندلاع الحراك الجزائري الذي توقف في إطار توقيف التنفيذ، والقرارات التي يتخذها ما يسمى بالمجلس الأعلى للأمن الجزائري، والتي أصبح المجتمع الدولي يدينها ويسخر منها، ربما يصل بقراراته إلى نهاية المطاف”.
ولفت المتحدث إلى أن “هناك نوع من التشابك في الحدود الشرقية مع المغرب، رغم عدم علمنا بما حدث بالضبط، لكن هناك توترات كامنة، قد تؤدي إلى الأخطر، والأخطر في نظري هو الحرب”، ذاهبا بالقول إن “هذه الحرب قد لا تكون شبيهة بمعارك أمكالة التي كانت في مجال محدود، ولكن قد تكون لها أبعاد أكثر خطورة وتمس المراكز الاستراتيجية للبلدين”.
وشدد المتحدث على أن “هذا النوع من التهور الذي سارت تمارسه به القيادة الجزائرية مواقفها على الصعيد الدولي خطير جدا، وأظن أن دولا عظمى مثل الولايات المتحدة أو روسيا أو الصين، هي نفسها لن تؤيد هذا المسعى بأي حال من الأحوال”.
لافتا الانتباه إلى أن “السوابق التاريخية، أظهرت، للأسف، أنه عندما تندلع الحرب، رغم وجود قرارات لمجلس الأمن بوقف إطلاق النار، وغيرها من القرارات، إلا أن الأمور قد تسير في غير ما تشتهيه حتى الأطراف القوية التي تصبح في مثل هذه الظروف مضطرة لتزويد حلفائها بالأسلحة، بدلا من إشراف جدي على وقف إطلاق النار وإدخال قوات أممية”.
وخلص تاج الدين الحسيني، إلى أن “كل السوابق التاريخية أثبتت هذا النوع من التدهور في علاقات النزاع الإقليمي، لذلك على المغرب أن يتخذ تدابير حازمة فيما يتعلق بتفادي الوقوع في هذا الشرك، بأن يوجه مبعوثين إلى الدول الشقيقة والصديقة وإلى الدول الدائمة في مجلس الأمن ليضع أمامهم الصورة واضحة من خلال هذا التصعيد المتوالي، الجزائر تتحمل مسؤوليتها في حالة اندلاع الحرب وأنها تكون البادئة بالعدوان “.
موردا أن “ما تقوم به الجزائر الآن هو خطوات أولية في هذا العدوان، وذلك حتى يتخذ مجلس الأمن مواقف صارمة، خاصة إذا ربط هؤلاء المبعوثون المغاربة ما يجري حاليا بالتسلح المفرط الذي تذهب إليه الجزائر، باعتبارها أول متسلح في مجموع القارة الإفريقية”.
مؤكدا على أن “دق ناقوس الخطر بهذه الطريقة قد تكون له عدة إيجابيات، بالنسبة لتحمل المؤسسة العسكرية في الجزائر كامل المسؤولية عن أي تدهور مقبل في هذه المنطقة من العالم”.