أنا الخبر ـ متابعة
ما لا يعرفه كثيرون أن تحركات البوليساريو بالمنطقة العازلة أصبحت «مكشوفة» للقوات المسلحة الملكية سواء من الفضاء أو الأرض، بفضل التكنولوجيا المتطورة التي أصبحت تتوفر عليها في السنوات الأخيرة.
وفضلا عن الجدار الرملي المجهز بأنظمة الإنذار المبكر وتقنيات الردع، يستمد الجيش المغربي قوته اليوم في مواجهة تحركات ومناوشات الانفصاليين من قمري «محمد السادس أ و ب» الصناعيين الذين أطلقا على التوالي في 7 نونبر 2017 و20 نونبر 2018، واللذين لهما أدوار استخباراتية تتعلق بتعزيز قدرات المغرب في مراقبة شريطه الحدودي الشرقي والجنوبي.
ووفق المعلومات المتوصل إليها، مكن الاعتماد على تقنية الاستطلاع وجمع المعلومات عبر القمرين الصناعيين «محمد السادس أ» و»ب» من توفير قاعدة بيانات غنية للاستخبارات العسكرية خلال السنوات الثلاث الماضية، وجعل المغرب قادرا على تقديم معلومات موثقة عن الانتهاكات العسكرية في المنطقة العازلة إلى الأمم المتحدة، كما حصل في أبريل 2018 حين قدم صورا التقطها القمر الصناعي «محمد السادس أ» تظهر دخول 14 عنصرا من «البوليساريو» إلى منطقة المحبس التابعة لإقليم أسا الزاك التي تخضع لاتفاق وقف إطلاق النار، على دفعتين وقيامهم بنصب خيام وحفر خندق وإقامة سواتر بأكياس من الرمل، إضافة إلى رصد استعدادات للجبهة الانفصالية لنقل مقرات بعض منشآتها الإدارية والعسكرية من مخيمات تندوف في الجزائر إلى منطقتي بئر لحلو وتيفاريتي اللتين تقعان شرق الجدار الرملي الدفاعي للمغرب.
ويتوفر القمر الصناعي محمد السادس «ب» الذي يصل وزنه إلى 1108 كيلوغرامات عند إطلاقه، وعمره الافتراضي ما بين 5 و10 سنوات، على نظام متطور لتحديد المواقع، وبإمكانه بفضل التجهيزات التي يتوفر عليها، أن يستمد طاقته من الشمس، ويرسل مع القمر الصناعي «أ» ألف صورة في اليوم إلى فرق المركز الملكي للاستشعار الفضائي عن بعد، والمركز الملكي للدراسات والأبحاث الفضائية، فضلا عن قدرته على التقاط صور بحجم 70 سنتمترا.
ومما يزيد من قدرات وفعالية القمرين الصناعيين المغربيين أن إدارتهما منوطة بشكل كلي بمهندسين وتقنيين مغاربة خضعوا لتكوينات على أعلى مستوى في الخارج، وهو ما يجعل المعلومات الاستخباراتية المتوصل إليها في ملكية المملكة وحدها لا يشاركها فيها أحد. ويعمل القمران في كوكبة مثالية على نفس المدار بـ180 درجة لكل منهما، وهدفهما توفير صور عالية الدقة للغاية في وقت قياسي مع سعة مراجعة يومية، بمعدل 8 إلى 10 مرات في اليوم فوق المحطة، ويتوفران على أحدث التكنولوجيات في مجال الرصد والتصوير، إضافة إلى تعزيز سيادة المملكة على المعلومات بعد أن كان يضطر في السابق إلى شرائها من دول وشركات.
وفضلا عن الفضاء، تستفيد القوات المسلحة الملكية من إمكانية تمشيط المنطقة العازلة من الجو القريب أيضا، وذلك من خلال طائرات «الدرون» الفرنسية من نوع «هارفانغ» (نسخة فرنسية من طائرات أيرون الإسرائيلية) التي يتوفر عليها، وتروج «البوليساريو» أنها استهدفت مجموعة من عناصرها أدت إلى مقتل قيادي عسكري بارز في صفوفها كان يتولى قيادة الدرك العسكري للجبهة الانفصالية.
وخلال الأشهر المقبلة، ستتعزز قدرات الجيش المغربي بـ13 طائرة «درون» من نوع «بايراكتار TB2» من صنع شركة «بايكار» التابعة لسلاح الجو التركي، والتي عقدت صفقة بشأنها مؤخرا، وتتميز بقدرتها على حمل أوزان تصل إلى 150 كيلوغراما، إضافة إلى التحليق لمدة 24 ساعة كاملة دون توقف. كما أنها تتميز بمعدات المراقبة والرصد الليلي وضرب الأهداف بدقة عالية، وفق ما تعلنه الشركة التركية في موقعها الإلكتروني.
في السياق ذاته، يتوقع أن تتعزز هذه الصفقة مع الأتراك بأخرى من المحتمل أن يتم المصادقة عليها من طرف الكونغرس الأمريكي، خلال الأسابيع المقبلة، وتتعلق بأربع طائرات «درون» من طراز «إم كيو-9 بي سي غارديان» من صنع شركة «جنرال أتوميكس» المملوكة للقطاع الخاص، وذخائر موجهة بدقة من نوع «هيل فاير»، و»بيف واي»، و»جي دي أيه إم» من صنع شركات «لوكهيد مارتن» و»ريثيون» وبوينغ».
وفي حالة إقرار الصفقة سيكون المغرب ثالث بلد بعد تايوان والإمارات الذي سيتحصل على طائرة «إم كيو-9 بي سي» الفائقة ضمن أول تصدير للطائرات المسيرة منذ إعادة إدارة ترامب تفسير اتفاقية أسلحة تعود إلى حقبة الحرب الباردة بين 34 دولة للسماح لشركات الدفاع الأميركية ببيع المزيد من الطائرات المسيرة للحلفاء.
و»إم كيو-9 بي سي» هي طائرة بدون طيار كبيرة الحجم يبلغ وزنها نحو 5 أطنان تستطيع حمل صواريخ موجهة وقنابل بوزن 1.7 طن، ومصممة بغرض استخدامها أيضا كقاذفة للصواريخ، وتعمل على مدى 3000 كيلومتر. يستخدمها سلاح الطيران الأمريكي والبريطاني واستعملت في ضرب مواقع في أفغانستان، كما يعتقد أنها استخدمت في عملية اغتيال قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني بمطار بغداد الدولي.
وبالنسبة لصواريخ جو أرض الموجهة «هيل فاير»، فيمكن إطلاقها من عدة منصات لإصابة أهداف مختلفة، حيث يمكن استخدامها من الجو عبر المروحيات أو من منصات برية وبحرية، ويتم التحكم فيها من خلال أنظمة تصويب بالرادار والأشعة فوق الحمراء، وتستعمل هذه الصواريخ في أمريكا على متن مروحية الأباتشي، ويمكن إطلاقها دون حاجة للتصويب الدقيق لتقصف الهدف دون أن تظهر للخصم. (الأيام 24)