المصدر: الصحيفة
لم تكن النبرة الحادة التي تحدث بها البشير مصطفى السيد، القيادي في جبهة “البوليساريو” الانفصالية ومستشار أمينها العام، وهو يجيب على سؤال إذاعة “بي بي سي” حول إمكانية طرد ما يعرف بـ”الجمهورية العربية الصحراوية” من منظمة الاتحاد الإفريقي، سوى تأكيد على جدية المعركة الدبلوماسية القادمة التي ستشهد فصولها المنظمة القارية في فبراير العام المقبل والتي بدأت الرباط تعد العدة لها منذ 2017.
وعند سؤاله عن إمكانية وصول المغرب لهذا الهدف خلال حواره مؤخرا مع هيئة الإذاعة البريطانية، أجاب مصطفى السيد أن الأمر يتعلق بـ”حلم لن يتحقق”، قبل أن يواصل بلهجة حادة قائلا “المغرب هو من سيُطرد.. في القمة القادمة إما أن يطرد أو يوضع على بوابة الطرد”، لكنه عاد وأقر بالتفوق الدبلوماسي للمغرب مباشرة بعد ذلك موردا أن البوليساريو تواجه “دولة تفوقها مئات المرات بالإمكانيات والتمرس” متهما إياها بـ”ابتزاز العالم من أجل ضمان حضورها الدولي والتأثير في مواقف الدول الضعيفة”.
وعبارتا “الابتزاز” و”الدول الضعيفة” استدعاهما القيادي الانفصالي من القاموس الذي تستخدمه الجبهة عادة عند الحديث عن الدول الإفريقية التي تعترف رسميا بسيادة المغرب على الأقاليم الصحراوية، وهو الأمر الذي يشير إلى أن المعركة الدبلوماسية بدأت بالفعل لحشد الأصوات داخل منظمة الاتحاد الإفريقي قصد القيام بخطوة غير مسبوقة تتمثل في طرد أحد أعضائها استنادا إلى تصويت باقي الأعضاء.
وعمليا، سيبدأ الطريق نحو تحقيق هذا الهدف في 21 فبراير المقبل عند انعقاد القمة الإفريقية في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، حيث سيطرح المغرب مقترحا بإحداث تغيير على مواد ميثاق الاتحاد بما يتيح بإضافة بنود تسمح بطرد أعضاء من المنظمة عن طريق ضمان أصوات ثلثي الدول كاملة العضوية، الأمر الذي سيتطلب بدوره موافقة ثلثي الأعضاء.
وإلى حدود الساعة، ووفق معطيات دبلوماسية، فإن الرباط استطاعت ضمان 24 صوتا بشكل علني بالإضافة إلى الصوت المغربي، ويتعلق الأمر بالدول التي افتتحت قنصليات لها في العيون والداخلة بالأقاليم الصحراوية وتلك التي عبرت عن وقوفها إلى جانب المغرب عقب تدخل القوات المسلحة الملكية لإعادة فتح معبر الكركارات في 13 نونبر الماضي، وتأتي في مقدمة تلك الدول جمهورية الكونغو الديمقراطية التي أُسندت لها رئاسة الدورة المقبلة.
وإلى جانب الكونغو الديموقراطية يضمن المغرب أصوات السنغال وزامبيا والكوت ديفوار والغابون وغينيا كوناكري وليبيريا ومالي وبوركينا فاسو، بالإضافة إلى جزر القمر وإفريقيا الوسطى وغينيا الاستوائية وغينيا بيساو وجمهورية ساو تومي وبرينسيبي ومملكة اسواتيني وجيبوتي وغامبيا وبوروندي والتشاد والبنين ومالاوي وجمهورية الرأس الأخضر والتوغو.
وسيكون على المغرب ضمان أصوات 38 دولة في المجمل، أي أن ضمان تمرير التعديلات لا زال في حاجة إلى دعم 13 دولة إضافية للوصول إلى أغلبية الثلثين، وهو الأمر الذي يمكن أن يتم عبر القنوات الدبلوماسية في إطار العلاقات القوية والمصالح المشتركة التي تجمع الرباط بالعديد من الدول العربية ودول غرب ووسط إفريقيا، وهو ما تدعمه تجربة سابقة تمثلت في موافقة 39 دولة على عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي سنة 2017.