أنا الخبر ـ طنجة 24
تعد سنة 1802م سنة مهمة وبارزة في العلاقات المغربية الامريكية، إذ في هذه السنة توترت العلاقات الثنائية بشكل قوي لدرجة أن أعلن فيها المغرب الحرب على أمريكا وقام بطرد القنصل الأمريكي من طنجة.
وتعود أسباب هذا التصعيد إلى قيام القنصل الأمريكي في طنجة “جيمس سيمبسون” سنة 1802 برفض السماح لسفينتين تابعتين للسلطان المغربي المولى سليمان محملتين بالزرع بالعبور إلى ليبيا، التي كانت في حالة حرب مع الولايات المتحدة الأمريكية بسبب تعرض السفن الامريكية لأعمال القرصنة الليبية.
وحسب مراسلات هذا القنصل، فإن رفضه جاء بناء على اتفاقية جمعت المغرب والولايات المتحدة الامريكية سنة 1786 تنص على عدم مساعدة المغرب لأي دولة تدخل في حرب مع الولايات المتحدة، فرفض بشكل قاطع السماح بالمرور لسفينتي السلطان اللتين كانتا بميناء جبل طارق.
قرار هذا القنصل تسبب في انفعال السلطان المولى سليمان بشكل كبير، فأصدر أوامره لعامل طنجة بطرد القنصل الأمريكي، وأعلن بصفة رسمية الحرب على الولايات المتحدة الأمريكية. فرحل القنصل الأمريكي إلى جبل طارق وأرسل عدة رسائل لمختلف نظرائه في أوروبا يعلن فيها بأن المغرب قرر شن الحرب على بلاده.
واستعد المغرب بالفعل لشن الحرب على أمريكا وضرب سفنها البحرية، وشهدت طنجة في بداية يونيو 1802 وصول عدد كبير من الاسلحة مختلفة الاعداد والانواع “هدية من بريطانيا” استعدادا للقتال كما جاء في رسالة للقنصل الامريكي الذي كان في جبل طارق أثناء هذه الأزمة.
غير أن هذه الأزمة لم تدم طويلا، إذ سرعان ما اضطر القنصل الامريكي باسم الحكومة الامريكية التراجع عن قراره وتقديم اعتذار رسمي للمغرب، وتم السماح بعد ذلك لسفينتي السلطان بالعبور إلى ليبيا دون حواجز.
ويعود سبب التراجع الامريكي حسب المؤرخين إلى تخوف أمريكا من قوة المغرب الذي كان “يمتلك” هيبة كبيرة نتيجة سياسة الانغلاق التي كان قد انتهجها المولى سليمان والتي حالت دون معرفة قوته الحقيقية، إضافة إلى كونه (المغرب) كان على علاقة متنية مع عدد من الدول الاوروبية أبرزها بريطانيا التي كانت لا تزال على عداوة مع أمريكا ولن تدخر جهدا لمساعدة أي بلد يدخل في حرب معها، فكان التراجع هو الحل الأنسب للولايات المتحدة.