بقلم: جعفر الحر
“الفقيه اللي نتسناو براكتو دخل الجامع ببلغتو”، فقد أصدر مجلس هيئة المحامين بالدار البيضاء الذي ينتظر منه الدفاع عن القانون والحقوق، وعلى رأسها الحق في الحياة والحفاظ عليها، بلاغا يحرض فيه على تجاهل، بل وعصيان، الدورية الثلاثية الصادرة عـن وزارة العدل والمجلس الأعلى للسـلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، والمتعلقة لفرض جواز التلقيح على مرتفقي المحاكم، تماشيا مع إجراءات حالة الطوارئ الصحية للحفاظ على صحة المواطنين من خطر تفشي وباء كوفيد 19.
تعليلات مجلس الهيئة المحرضة على العصيان واهية برمتها، فبادئ دي بدء قرار جواز التلقيح صادر عن المؤسسات المختصة بناء على المعطيات التي وفرتها اللجنة العلمية المكلفة بتقييم الحالة الصحية للبلاد في ظل الحالة الوبائية التي يمر بها العالم جراء انتشار فيروس كوفيد 19 وظهور متحورات جديدة لهذا الفيروس تتميز بسرعة انتشارها وقدرتها الكبيرة على العدوى، وهو ما يهدد بنسف كل المكتسبات التي حققها المغرب طيلة سنتين، وبالتالي فالتطبيق الصارم لوسائل الوقاية والتلقيح يبقى السبيل الوحيد للحفاظ على هذه المكتسبات.
كما أن القرار ينسجم تماما مع المرسـوم بمثابة قانون رقـم 292 -20 -2 والذي يتعلق بسـن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية، والذي حاول مجلس الهيئة تحويره بطريقة فاشلة تنقص من قيمة هيئة من حجم هيئة المحامين بالدار البيضاء، كما تنسجم مع نصوص الدستور خاصة الفصل 20 الذي ينص على “الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان ويحمي القانون هذا الحق.”، وبالتالي فحق الحياة والحفاظ عليها هو أول وأسمى الحقوق وبعده تتفرع باقي الحقوق، وهو ما ناقضه تماما بلاغ مجلس هيئة المحامين بالدار البيضاء.
الأنكى من الأخطاء القانونية والحقوقية التي وقع فيها مجلس هيئة المحامين بالدار البيضاء، هي اللغة التي كتب بها البلاغ والتي تحتوى على رعونة من خلال دعوة المنخرطين في الهيئة إلى التمرد على الدورية متناسين أن مثل هذه الإجراءات سارية في جميع القطاعات على الصعيد الوطني، بل الأكثر من ذلك أن جل العالم وخاصة المتقدمة مثل هولندا وبريطانيا وألمانيا وغيرها اتخذت إجراءات أكثر صرامة ومنها من أعلنت الإغلاق التام خصوصا بعد انتشار موجات جديدة وتسجيل إصابات بعشرات الآلاف.
فهل يعتبر المحامون أنفسهم أسمى من باقي المغاربة ويريدون معاملة تفضيلية وهم الذي من واجبهم العمل على تطبيق القانون على الجميع سواسية، أم يريدون هدم كل ما حققه المغرب طيلة سنتين بتضحياتها وآلامها من خلال فتح باب تفشي الوباء من جديد !؟