أنا الخبر ـ متابعة
اقترب أوان الرحيل وتفريق جمع المخيمات بتندوف وطي الخيم وهدم البراريك الطينية والقصديرية لتهدم معها أكذوبة الدولة الصحراوية، وتطوى بصحبتها سنوات الضياع الطويلة، ويتفرق الجمع ليعود كل إلى وطنه، الماليون إلى مالي والموريتانيون إلى موريتانيا، ويعود الصحراويون المغاربة إلى المغرب.
وحدهم الجزائريون من لا يحتاجون إلى العودة الى وطنهم لأنهم ببساطة يتواجدون به، وليس سرا أنهم كانوا طوال العقود الماضية يتنقلون بين المخيمات والمدن الجزائرية بكثير من الأريحية، يتحايلون على المنظمات الحقوقية وغوث اللاجئين بإيعاز من النظام الجزائري، مهمتهم إعمار المخيمات والتواجد بها متى ما استدعى الأمر لتقديمهم للمجتمع الدولي كصحراويين نازحين من المغرب، ويتلقون بالمقابل المساعدات الغذائية والمالية باسم الصحراويين، ويسمح لهم دون غيرهم بالرجوع الى الجزائر في سائر الأوقات، حتى أن منهم من لا يبيت أصلا بالمخيمات خاصة من يتواجدون بالمدن القريبة منها من قبيل تندوف على سبيل المثال لا الحصر.
المغرب وقد اقترب من حسم النزاع، وبعدما طوع إسبانيا وأذل خصومه وفرض الاحترام على أصدقائه وحلفاءه، وقطع الطريق أمام نهج الابتزاز السياسي الذي ساد طويلا علاقته مع عدد من الدول التي رضخت من كبيرها الى صغيرها لقوة الحق وصلابة الموقف، ولانت وانصهرت كما يلين وينصهر الحديد أمام عظمة وصلابة وقوة الشكيمة المغربية الفلاذية .
لعل أكبر المستفيدين من الانتصار المغربي في قابل الأيام هم ساكنة المخيمات من الصحراويين المغاربة الذين حوصروا بالمخيمات ومنعوا من التنقل، ومورست في حقهم سياسة استعبادية واقصائية، وحاول النظام الجزائري غسل أدمغة أبناءهم وفي كل مرة يظن أنه نجح في تعميق الهوة بين الصحراويين ووطنهم الأم، ينصدم من غلبة العلاقة بين الصحراويين وبين وطنهم الأم، ويجد نفسه ضعيفا صاغرا أمام قوة الروابط ومتانتها بين من احتجزهم بالمخيمات وبين أقاربهم المواطنين المغاربة الذين يسوقون كل يوم ولحظة ما يسطره المغرب على أرض الواقع من انجازات، وما يعده لاستقبال واحتضان أبناءه بالمخيمات، فيما عجز النظام الجزائري عن تغطية الشمس بالغربال، وعجز عن وقف انتشار النور الساطع الذي اقترب بخطى واثقة وحثيثة وشاع ضياءه بالمخيمات ووصل للصغير والكبير، ولم يجد الجزائر سبيلا لمنعه ووقف زحفه، ولم يقدم بديلا ولا مستقبلا بقدر ما نشر الظلم والظلام الدامي، وها هو اليوم يحصد ما زرع.
بعدما تحسم الأمور للمملكة المغربية وتعيد أبناءها الى وطنهم، سيتذكرون وهم ينعمون بدفء الوطن بكثير من الحسرة والاسف سنوات ضاعت بجحيم المخيمات، وسيترحمون على أموات رحلوا الى دار البقاء ولم يشربوا شربة هنيئة ولا أكلوا أكلة مريئة، سيتذكرون وهم يتجولون في شوارع العيون والداخلة ويرون رأي العين النهضة المعمارية والتنمية الجبارة التي تجسدت على أرض الواقع، ستذكرون قطعا مشاريع عايشوها بالمخيمات كان أهمها مشروع تربية الدواجن ومشروع اخر لزراعة بعض الخضر، وربما هما المشروعان الوحيدان القائمان بالمخيمات، على عكس الآلاف من المشاريع التي مولتها تنظيمات وجمعيات دولية انسانية لصالح الساكنة فذهبت في مهب الريح بسبب سرقتها من قبل قيادة البوليساريو وأتباعها.
ستذكر ساكنة المخيمات ماضيهم الأليم، وسيحتاجون قطعا لمواكبة نفسية لاستيعاب ما حل بهم من ضياع وتشريد وحرمان بينما كانوا على مرمى حجر من نعيم الوطن وجنة الانتماء للأصل، وبينما يتذكرون الماضي ويسعون للاندماج سيلعنون قيادة جبهة البوليساريو وجرائمها الجسيمة وسيكرهون كل لحظة وكل نفس جمعهم بها في فضاء المخيمات العفن والمليء بالمؤامرات والدسائس التي كانت سبب في قتل وتعذيب وتشريد الآلاف من الصحراويين.
اليوم ليعد كل شيء الى أصله، ولا غالب الا الله (منتدى_فورساتين)