المصدر// الصحيفة ـ حمزة المتيوي
لم تُطو بعد صفحة الجدل الكبير الذي خلفه قرار المغرب ترسيم حدوده البحرية داخل إسبانيا، حتى وجدت هذه الأخيرة نفسها مجبرة على التعامل مع قضية مشابهة، وذلك بعدما أعلنت الجزائر رسميا عن خلق منطقتها الاقتصادية البحرية الخاصة بمحاذاة جزر البليار الإسبانية، الشيء الذي تم عبر مرسوم موقع سنة 2018 وظل منذ ذلك الوقت طي الكتمان.
ووفق مصادر إسبانية، فإن الجزائر اعتمدت في هذه الخطوة على مضامين النصوص الدولية المحددة لمناطق النفوذ الاقتصادي البحري والمُضَمَّنة في اتفاقية الأمم المتحدة للبحار لسنة 1982، والتي تسمح لكل بلد بتحديد منطقته الاقتصادية الخالصة، وفي حالة الجزائر فإن هذه الحدود تقابل مباشرة جزر “البليار” السياحية والغنية بالثروات الطبيعية.
وخلق المرسوم الجزائري أزمة دبلوماسية مع إسبانيا، بعدما لم يراع وجود جزيرة صغيرة موجودة في أقصى جنوب الأرخبيل الإسباني، ويتعلق الأمر بجزيرة “كابريرا” وهي عبارة عن فضاء طبيعي أشبه بمتنزه أدخلته الجزائر ضمن نطاقها الحدودي البحري، الشيء الذي جعل الإعلام الإسباني يتحدث عن كون الأمر تحول إلى “مس بالسيادة” طارحا سيناريوهات صدام عسكري مشابه لما حدث مع المغرب سنة 2002 بسبب جزيرة “ليلى”.
ولا تعتبر إسبانيا لحدود الساعة أن ما جرى يمثل “غزوا”، كون الجزائر لم تباشر أي إجراءات عملية للسيطرة على المياه المحيطة بجزيرة “كابريرا”، لكن الاعتقاد السائد لدى سلطات مدريد، حسب ما كشفت عنه الصحافة الإسبانية، هو أن الأمر يتعلق بإعلان استباقي للنفوذ على منطقة غنية بالموارد النفطية، حيث سيسمح تنفيذ المرسوم للجزائر ببدء عمليات التنقيب كون الأمر في هذه الحالة سيكون داخل منطقتها الاقتصادية.
وصدر أول رد فعل رسمي عن وزيرة الخارجية الإسبانية، أرانتشا غونزاليس لايا، التي اعتبرت أن الإجراء الجزائري “أحادي وغير مقبول”، معلنة، خلال مؤتمر صحفي بالعاصمة مدريد، أن بلادها “لا توافق على هذا الترسيم”، وأن الخارجية الإسبانية أبلغت حكومة الجزائر بذلك، كما أعلنت عن قيامها بزيارة للعاصمة الجزائرية الأسبوع المقبل لمناقشة الأمر.
وكما كان الأمر بالنسبة لترسيم الحدود البحرية والمنطقة الاقتصادية الخالصة للمغرب بجوار أرخبيل “الكناري”، والذي رفضته الحكومة المحلية هناك، فقد أعلنت الحكومة المحلية لجزر “البليار” بدورها رفض الخطوة الجزائرية، داعية الحكومة المركزية إلى التحرك ضدها، هذه الأخيرة التي صارت ملزمة الآن بالتفاوض مع المغرب والجزائر بشكل متزامن.