تستعد كوت ديفوار لاستضافة النسخة الـ34 من كأس أمم أفريقيا في كرة القدم بدءا من السبت، للمرة الأولى منذ 40 عاما، وسط بهجة تلف البلاد العاشقة للكرة المستديرة. في سوق كوكودي، وسط العاصمة الاقتصادية أبيدجان، يتجمّع التجار الماليون والسنغاليون والإيفواريون معا، مقتنعين بفرص منتخباتهم.
من جهته، يتحدّث عمر دومبيا، الذي يعمل كميكانيكيا في بواكي (وسط) حيث ستلعب بوركينا فاسو والجزائر، “لم تتح لي الفرصة قط لحضور كأس أفريقيا. أنا رجل سعيد اليوم ولن أغيب عن أي مباراة في الملعب”.
سبق أن احتضنت كوت ديفوار البطولة القارية مرة واحدة فقط في تاريخها، وكان ذلك عام 1984، في فترة كانت تقتصر المشاركة على ثمانية منتخبات فقط مقارنة بـ24 اليوم.
وبالعودة إلى العاصمة الاقتصادية، تنتشر بالونات بيضاء تحمل شعار “أكوابا”- أهلا وسهلا بلغة “أكان” – على الجسر المؤدي إلى منطقة “لو بلاتو” وتكثر اللوحات الإعلانية بألوان لاعبي “الفيلة”.
وفي الأسواق، أضاف التجار الذين اعتادوا بيع التماثيل والأقنعة والأقمشة، نسخا مقلّدة لقميص منتخب كوت ديفوار والذي يُباع بنحو 10 يوروهات، إلى سلعهم في الأيام الأخيرة.
ويوضح لامين كونيه أحد التجار “تُباع القمصان مثل الخبز الساخن! هناك أشخاص يتحوّلون إلى تجار فقط لبيع القمصان”.
ومن المتوقع أن تقيم المنتخبات الـ24 في خمس مدن: بالإضافة إلى أبيدجان وملعبيها، سيتم توزيع الفرق بين العاصمة السياسية ياموسوكرو ومدينة بواكي الكبيرة وميناء سان بيدرو (جنوب غرب) وكورهوغو (شمال).
وأعلن الرئيس الحسن واتارا خلال خطابه بمناسبة العام الجديد “دعونا نحشد جهودنا لجعل هذه الدورة بمثابة احتفال عظيم بالشباب وكرم ضيافة كوت ديفوار والأخوة الأفريقية”.
تُولي كوت ديفوار أولوية مطلقة لتنظيم حدث استثنائي، باعتبار أنّه يُشكّل فرصة وجسر عبور نحو تنمية البلاد. وأظهرت الحكومة استعدادا لإنفاق ما يلزم لضمان نجاح الحدث، حيث استثمرت 1.5 مليار دولار أميركي تقريبا.
فبالإضافة إلى الملاعب الستة التي بُنيت أو جُدّدت، تم إنشاء الطرق وتشييد الجسور والفنادق ومدن كأس الأمم الأفريقية لإيواء الفرق في السنوات الأخيرة وتضاعف العمل على نحو كبير خلال الفترة الأخيرة قبل نهاية عام 2023.
استعداد كبيريقول أحدهم “كوت ديفوار ستهزم مالي في النهائي!”، فيما يردّ الآخر “مستحيل، ستكون السنغال!”. دقت ساعة الصفر إيذانا بإطلاق صافرة بداية البطولة مع المواجهة المرتقبة بين أصحاب الأرض وغينيا بيساو السبت.
ورغم خشية يبديها المواطنون في أبيدجان من الازدحامات والاختناقات المرورية خلال أيام المباريات، في مدينة غالبا ما تكون مزدحمة، إلاّ أنّ الشعور العام تغلّفه حماسة شديدة. يقول لاسّينا كانتا، وهو مشجّع يبلغ 21 عاما يأمل في الذهاب إلى الملعب لمشاهدة المباراة الافتتاحية، “ستكون أجواء مجنونة لأن الجميع يعرف كوت ديفوار، بلد البهجة والفرح!”. عموما، فإنّ الجنون يتجاوز حدود أبيدجان.
وقام رئيس الحكومة روبير بوغريه مامبيه، المعيّن في أكتوبر الماضي والذي تسلّم أيضا حقيبة الرياضة، برحلات عديدة إلى المدن المضيفة للضغط بهدف إتمام المشاريع.
وأكد مجلس الوزراء خلال اجتامعه الأخير، أن كوت ديفوار مستعدة على جميع المستويات “البنية التحتية الرياضية ونظام الاستقبال والنقل”. واضح أن السلطات المحلية تسعى حثيثا لطيّ صفحة الفشل الذريع الذي حدث في 12 سبتمبر الماضي، عندما توقفت المباراة الودية بين كوت ديفوار ومالي بسبب المياه التي أغرقت أرضية الملعب إثر عاصفة قوية، وذلك في ملعب إبيمبي في ضواحي أبيدجان.
وفي إطار التعبئة العامة، ستخصّص البلاد حوالي 20 ألف متطوع شاب و17 ألف فرد من الشرطة و2500 مشرف طوال شهر المنافسة، حيث يتوقع المنظمون قدوم حوالي 1.5 مليون زائر، لاسيما من البلدان المجاورة المُشاركة على غرار مالي وغينيا وغانا. أما ما تخشاه كوت ديفوار فهو ما سيقدّمه منتخبها الوطني حيث يأمل المشجعون أن يكون “الفيلة” حاضرين في المباراة النهائية المقررة في 11 فبراير المقبل، وأن تظفر باللقب للمرة الثالثة في تاريخها بعد 1992 و2015.