بقلم: جعفر الحر
أعاد المقطع السريالي الذي يهدي فيه لاعب من المنتخب الجزائري كأس العرب إلى قائد الجيش الجزائري السعيد شنقريحة وعلامات الفرح الكبير تبدو على محياه BABY FACE وكأنه صبي حصل على جائزة، إلى الأذهان عددا من التمثيليات المشابهة والسابقة التي يستغل فيها نظام عسكري ما الرياضة لأهداف سياسية، وبغض النظر على القيمة الهامشية للبطولة نفسها، فإنها فضحت عن حقيقة مفادها أن من يحكم الدولة الفائزة بالكأس هم العسكر الذين استعملوا الترهيب والترغيب لحث الفريق على اللعب/القتال والانتصار في المباراة/المعركة، لاستغلاله سياسيا والترويج لفوز رمزي وكأنه نصر على الأعداء.
هناك أمثلة في التاريخ تشابه تعاطي النظام العسكري الجزائري بالفوز بالكأس العربية، مثل فضيحة مونديال 1979 بالأرجنتين الذي سخر فيها النظام العسكري الأرجنتيني، الذي وصل للحكم قبلها بسنتين عبر انقلاب دامي، كل موارده للفوز بهذه الكأس بغرض الترويج لهذا النظام المنبوذ داخليا وخارجيا واكتساب شرعية مزورة عبر الرياضة الأكثر شعبية في البلاد، وإلهاء المواطنين بواسطتها عن حقيقة الإفلاس السياسي والاقتصادي والاجتماعي التي كانت تعيشه الأرجنتين، وكذا القمع المسلط عليه من طرف ديكتاتورية عسكرية استباحت الاعدامات الميدانية والاخفاء القسري لإسكات احتجاجاته الرافضة لحكمه.
نقيس على ذلك أيضا تعاطي النظام النازي بقيادة هتلر في أولمبياد 1936، والنظام الايطالي الفاشي بقيادة موسوليني، ويقول الروائي إدواردو غاليانو في هذا الصدد، “إن كرة القدم بالنسبة للنازيين كانت مسألة دولة”، ويقول أيضا، “كرة القدم والوطن مرتبطان على الدوام؛ وكثيرًا ما يرهن السياسيون والدكتاتوريون على هذه الروابط. ففصيلة كرة القدم الإيطالية ربحت موندياليّ 1934 و1938 باسم الوطن وموسوليني. وكان لاعبوها يبدؤون وينهون كل مباراة بصرخة تحيا إيطاليا، وبتحية الجمهور ببسط راحاتهم المرفوعة”.
التاريخ يعيد نفسه، والنظام العسكري الجزائري يستغل كرة القدم وشعبيتها لتفريغ فشله في تدبير شؤون البلاد التي تعاني انهيارا على جميع المستويات، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، ويقف الشعب الجزائري على شفا الانفجار، ولذلك اهتمت حكومة الجنرالات بشكل حاسم بضرورة حصول الجزائر على كأس العرب، وجعلت من كرامة المنتخب القومي جزءا من كرامة البلد، حيث نقل النظام العسكري الديكتاتوري المباراة من فوق المستطيل الأخضر وحولها إلى معركة سياسية ضد طرف آخر، وأشعل مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلامي بالتحريض والفتنة.
حالة النظام العسكري الجزائري وغيره من الأنظمة الأوليغارشية الديكتاتورية، زتعاطيها مع الرياضة شرحه بنجاح الروائي البريطاني” “سايمون كوبر” في كتابه “كرو القدم ضد العدو”، وكيف تحاول هذه الأنظمة غير الشرعية من خلالها إشغال المواطنين عن مطالبهم الحقيقية في الحرية والديمقراطية والعدالة الاقتصادية والاجتماعية، وتفريغ هذه الرياضة من مبادئها السامية وتحويلها لمعركة دونكيشونية لإحراز انتصارات وهمية لن تغير شيئا على أرض الواقع.