بقلم: جعفر الحر
كان متوقعا أن يكون لقرار الحكومة بتطبيق الحظر الليلي طيلة شهر رمضان، بما في ذلك منع إقامة صلاة الترويح بالمساجد، درءا لاحتمال موجة ثالثة لفيروس كورونا، خصوصا السلالات الجديدة المتحورة، أصوات معارضة تشجب هذا القرار وتتفنن في إيجاد عيوب له، خاصة تلك التي دأبت على الركوب على كل ما هو ديني للضرب في كل ما هو سياسي، مثل جماعة العدل والاحسان وبعض الجهات من حزب العدالة والتنمية وذراعها الدعوي الذين يُبقون رجلا في الحكومة والأخرى في المعارضة، بل إن ركوب الموجة انتقل لبعض الأحزاب والجهات التي لا علاقة لها بالدين ولكنها تعارض الحكومة لأجل المعارضة، ناهيك عن المسترزقين من اليوتيوب حتى ولو كانوا من الملحدين.
لكن المثير في شجب قرار منع إقامة صلاة الترويح بالمساجد هو بعض المناوشات وأعمال الفوضى التي أقدم عليها شباب قاصرون في مناطق متفرقة من المدن المغربية، من ذلك رشق القوات العمومية بالحجارة وتكسير الممتلكات العامة والخاصة وإحراق إطارات مطاطية، والأكثر جدلا في الأمر أن جل من تم التحقيق معهم من هؤلاء القاصرين صرحوا أنهم لا يؤدون الصلاة، وليس الموقف هنا للتشكيك في نية أو تدين هؤلاء القاصرين لأنه كما نعلم أن المغاربة مسلمين بالفطرة حتى ولو تهاونوا في أداء واجباتهم الدينية، وغيرتهم على دينهم معلومة للجميع، لكن التساؤل المطروح من يشحن هؤلاء القاصرين، أو بالأحرى من يستغلهم طيشهم ويدفع بهم للقيام بهذه الممارسات اللاقانونية واللادينية أيضا؟
تشير أصابع الاتهام لجماعة العدل والإحسان بالنظر لسوابقها في مثل هذه الوقائع، فهي لا تتوانى في تجييش وإقحام قاصرين في إضرابات واحتجاجات وطنية أو قطاعية، مثلما حدث سنة 2019 حينما أضرب التلاميذ عن الدراسة بتحريض من قطاع التعليم التابع للجماعة، ومما يؤكد هذه الفرضية أن الأحداث الفوضوية التي أقدم عليها هؤلاء القاصرون وقعت في أحياء تشهد حركية مكثفة لعناصر الجماعة سواء في فاس وطنجة والفنيدق وغيرها، يضاف إلى ما سبق الحملة الاعلامية المكثفة التي تشنها الجماعة عبر المواقع الاعلامية التي تديرها أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتشكيك في الأسباب العلمية للقرار وشحن المواطنين ضده.
رغم أن الجماعة المتهمة بتسميم عقول القاصرين واستغلال طيشهم واندفاعهم بحكم سنهم وتوجيهها لزعزعة الاستقرار وارتكاب أفعال ماسة بالأمن العامة أو معطلة لتدبير الشأن العام، تحاول أن تنفي عن نفسها تهمة التحريض إلا أنها لا تدين هذه الممارسات التي يعاقب عليها القانون، بل وتبحث لها عن مبررات ومصوغات في الدين والشرع، وهو ما يؤكد متاجرتها بالدين لخدمة أجندتها المناوئة للنظام المغربي، لأنه من المؤكد أن فقهاءها يعلمون الحكم الشرعي لصلاة التراويح وأنها سُنَّة، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصلها جماعة إلا ليلتين أو ثلاث، وأنه صلاها طول حياته منفردا في بيته، ما عدا إذا كان لإمامهم المجدد رواية مجددة في هذا الموضوع !؟
ليس خافيا على العموم تحركات جماعة العدل والإحسان لزرع البلبلة والفتنة بين المواطنين رغم لباس التقية الذي ترتديه، وليس خافيا أيضا سعيها للسيطرة على المجتمع عبر تكييف الدين وتفسيره بما يخدم أجندتها الهدامة القائمة على مبدأ “أنه مادام يصعب الوصول للقمة فلنتحكم في القاعدة” من خلال التغلغل في شخصية المواطن المغربي المتدين عبر الخطاب الديني المقنع، وتحريكه مع كل مستجد اجتماعي أو سياسي أو ديني أو اقتصادي الوجهة التي تريدها، لكن إقحام قاصرين في لعبة التجييش هو لعب بالنار.