أدانت غرفة الجنايات الابتدائية باستئنافية فاس، مساء الثلاثاء 11 يوليوز 2023، عبد العالي حامي الدين، القيادي بحزب العدالة والتنمية، بـ3 سنوات حبسا نافذا، وذلك في ملف مقتل الطالب القاعدي محمد بنعيسى آيت الجيد، وفي الطلبات المدنية، بأدائه لكل واحد من المطالبين بالحق المدني مبلغ 20 ألف درهم، بعد مؤاخذته لأجل “المشاركة في الضرب والجرح المفضي إلى الموت دون نية إحداثه”، بعدما أعادت تكييف التهمة الأصلية المنسوبة والتي كانت القتل العمد.
عرفت هذه القضية شدا وجذنا قويا لعدة أسباب، منها الخلفيات الإيديولوجية لطرفي القضية، حيث ينتمي الضحية محمد بنعيسى آيت الجيد للتيار القاعدي اليساري، بينما ينتمي المتهم إلى التيار الإسلامي، بمعنى قطبي الصراع لدرجة التناحر الذي ساد الجامعة المغربية لعدة سنوات، ومن الأسباب أيضا أن الواقعة تعود لسنة 1993 أي ما يقارب 3 عقود، وسبق أن عرضت على القضاء، كما عرفت القضية تدافعا قويا قضائيا وإعلاميا وحتى سياسيا، بين أنصار الطرفين وصلت أحيانا لتبادل الاتهامات بمحاولة الضغط والتأثير على القضاء.
معطيات القضية وحيثياتها والظروف المحيطة بها ومطالب الطرفين شكلت ضغطا على القضاء المغربي واختبارا لنزاهته وقوته في تدبير القضية رغم الضغوط السابقة الذكر، فبينما طالب دفاع الضحية بمتابعة المتهم بتهمة القتل العمد وتوقيع أقصى العقوبات، مستعينا بأنصار اليسار المغربي والمتعاطفين معه للضغط على المحكمة، فقد رفع إخوان المتهم شعار “لن نسلمكم أخانا” خارج المحكمة في استعراض للقوة، ورافع ببطلان القضية بناء على مبدإ عدم محاكمة الشخص على نفس الأفعال مرتين، هذا إضافة للتشويش الذي مارسه العدميون الذين تعودوا الركوب على أي قضية لكيل الاتهامات للدولة المغربية ومؤسساتها.
خرج القضاء المغربي منتصرا للقانون ولا شيء غير القانون بعد الحكم الذي أصدره وبناء على التكييف القانوني للقضية وفق الوقائع المعروضة عليه وشهادة الشهود، دون أي انحياز أو تأثر بالجذب الذي رافق القضية، محطما بذلك ادعاءات مروجي نظرية المؤامرة والمشككين في نزاهته، والذين استأنسوا ترويج مثل هذه الأكاذيب مع كل قضية يكون أحد أطرافها فردا من جماعتهم، ورغم أن الحكم لم يعجب الطرفين وقررا استئنافه، وهو حق قانوني لهما، فإن ذلك يعني دون شك أن القضاء لم يماهي أيا منهما ولم يستسلم للضغوطات، وحقق العدالة المنشودة التي لن ترضي الجميع بالضرورة لكنها عدالة نزيهة.
بقلم: #جعفر_الحر