عند الفورة يبان الحساب.. الدبلوماسية المغربية تكسب أوراق اللعبة واسرائيل تعترف بمغربية الصحراء..
“عند الفورة يبان الحساب” مثل مغربي صميم يُقصد به أن العبرة يالخواتيم، وهو شائع بين المغاربة، خصوصا كبار السن المحترفين للعبة “الضامة”،
حيث يسمح اللاعب بهامش من المناورة لخصمه ويمهله عبر حركات غير واضحة للبيادق وما يلبث أن يجهز عليه بالضربة القاضية، مناسبة شرح هذا المثل المغربي القح، هو رسالة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى جلالة الملك محمد السادس، يرفع عبرها إلى جلالته قرار دولة اسرائيل الإعتراف الرسمي بسيادة المغرب على أقاليمه الصحراوية،
وذلك بعد مرور ما يزيد عن سنتين ونصف من توقيع الاتفاق الثلاثي بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل والذي نص على عودة العلاقات المغربية الاسرائيلية.
رسالة الاعتراف كانت بمثابة الضربة القاضية التي أنهت الأحلام والتكهنات، طيلة هذه المدة، التي تشكك في جدوى هذا الاتفاق وقدرة المغرب على فرض الاعتراف بحقوقه التاريخية والجغرافية على كل من اسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، ومدى جديتهما في الالتزام بما تعهدا به رغم ما قد يحدث من تغيير على مستوى الحكومات في هاتين الدولتين،
والتي روجت لها –كالعادة- جهات معادية للوحدة الترابية للمغرب ومجموع العدميين والحاقدين على الدولة المغربية، منهم من يعيش خارج البلاد ومنهم من يعيش داخلها ويأكل من خيراتها ويأبى إلا لأن يطعنها في سيادتها، بل ذهب هؤلاء إلى أبعد من هذا حينما روَّج أن المغرب رهن مستقبله بالوهم وتطاول على الدبلوماسية المغربية ووصفها بالفاشلة !!
لقد أدارت الدبلوماسية المغربية اللعبة باحترافية كبيرة وبتمهل وصبر الواثق من النتيجة لأن العبرة بالخواتيم و”عند الفورة يبان الحساب”، دعامتها في ذلك تجاربها السابقة التي أسفرت نفس النتائج الإيجابية، سواء مع الولايات المتحدة الأمريكية أو اسبانيا أو ألمانيا، وبوصلتها خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس الذي ينص على أن “ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات”، وسلاحها طول النفس والاحترام المتبادل والشراكات القائمة على المصالح المتبادلة ولا مجال للابتزاز بملف الصحراء المغربية الذي لم يعد موضوعا للمساومة، فالمغرب لديه من الخيارات ما يسمح له باختيار الشريك المناسب.
رغم أن المغرب ربح اللعبة باعتراف اسرائيل بمغربية الصحراء وتعهد بفتح قنصلية بمدينة الداخلة، لكن ذلك ليس النهاية وإنما بداية مرحلة جديدة تسير في اتجاهين، سياسي دبلوماسي لأنه سيفتح الباب على مصراعيه لاعترافات جديدة وسيدفع دولا كانت ما تزال متحفظة لتحدو حدوها، خاصة أوربية، ودول افريقية -خاصة في شرق القارة التي تربطها علاقات قوية مع اسرائيل- يُنتظَر أن تغير مواقفها وتعترف بمغربية الصحراء أو على الأقل وجاهة المقترح المغربي باعتماد الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، من جهة أخرى يُنتظر ّأن تشهد المناطق الجنوبية المغربية دينامية اقتصادية مهمة واستثمارات كبيرة، خاصة و أن اسرائيل لها خبرة كبيرة في تطوير المناطق الصحراوية، مما يبشر بأن تتحول المناطق الجنوبية إلى قطب مالي واقتصادي عالمي.