*جعفر الحر*
في سابقة هي الأولى من نوعها، أمر عسكر الجزائر أئمة المساجد بالدعاء في خطبة الجمعة الماضية لإبراهيم غالي زعيم مرتزقة البوليزاريو بطول العمر والسداد في الرأي وأن يلحقه بالصديقين والشهداء والصالحين، وبالمقابل الدعوة على المغرب بالفناء والخراب وربما اجتياح الجراد أو الروم او المغول.
خطوة يمكن إدراجها في كتاب جينيس لأغرب الأشياء والمطالب، خصوصا إذا علمنا أن الجزائر ومنذ استقلالها وسيطرة الأوليغارشية العسكرية على الحكم فيها، اتخذوا من الفكر الاشتراكي عقيدة لسياستهم واقتصادهم وإيديولوجيتهم، وحاربوا الدين والشريعة الاسلامية جهارا واعتبروه تخلفا ورجعية ومعيقا للتقدمية والحداثة، ولا دور له في الحياة القائمة على المادة.
ولا أدل على كره الأوليغارشية العسكرية الحاكمة في الجزائر على الاسلام والمسلمين من أحداث العشرية السوداء (1991-2002) التي أباد فيها عسكر الجزائر الشعب الجزائري بعدما فازت الجبهة الاسلامية للإنقاذ بالانتخابات البرلمانية لعام 1991 على حساب حزب العسكر الحاكم جبهة التحرير الوطني، فتدخل الجيش لإلغاء الانتخابات والسيطرة على البلاد، بل إحراقها وإفناء كل مسلم، خوف على مصالحهم من جهة، ومن جهة أخرى منعا لكل ما يمت للإسلام بصلة أن يحكم الجزائر وهي قاعدة ورثوها عن الاستعمار الفرنسي.
لم يكن لخلفاء فرنسا في حكم الجزائر والتسلط على رقاب الشعب الجزائري علاقة بالدين الإسلامي يوما من الأيام، وما لجوءهم اليوم إلى الدعاء في خطبة الجمعة إلا من باب المثل القائل “الدعاء سلاح الضعفاء”، حيث لا قوة لهم ولا حيلة لهم في مواجهة التطورات المتسارعة التي يعرفها ملف الصحراء المغربية، فالزخم والقوة والسرعة التي يمضي بها تفوق طاقتهم وفكرهم المتحجر، وليس أمامهم إلا الدعاء، لكنه دعاء المنافق الذي يشبه توبة من هو على فراش الموت، فهو مردود عليه مصداقا لقوله تعالى ((وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآَنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا)).
فقد صدِم عسكر الجزائر من هول النجاح الذي يحققه المغرب تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة محمد السادس في جميع المجالات، الدبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية، وآخرها اعتراف أكبر دولة في العالم، الولايات المتحدة الأمريكية، بمغربية الصحراء وحق المغرب المشروع في وحدته الترابية، وإبرامه اتفاقات بملايير الدولارات بما سيعود بالنفع على المغرب، خصوصا أقاليمه الجنوبية، حتى أن الجزائر بلعت لسانها ولم تتجرأ على الانتقاد واستدعاء السفير الأمريكي كما تعودت أن تفعل مع الدول الافريقية التي سبقت أن فتحت سفاراتها أو قنصلياتها في لعيون المغربية أو مدينة الداخلة.
هذا فعل عسكر الجزائر، أما نحن المغاربة فلن ندعوا بالخراب على الجزائر الشقيق، ولنا في ملكنا الحبيب أسوة حسنة حينما دعى لرئيسهم المريض عبد المجيد تبون بالشفاء العاجل، وبدورنا ندعو لإخوتنا الجزائريين بالهداية والانعتاق من حكم الأوليغارشية التي تسلطت على رقابهم وحاربتهم في دينهم وحريتهم، ونهبت ثرواتهم وتركتهم يعيشون الفاقة والحاجة رغم الثروات النفطية التي يمتلكونها وهي من حقهم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله على نعمة الأمن والأمان الذي تعيشه بلادنا المغرب ولا عزاء للحاقدين.