أنا الخبر ـ متابعة
عاودت المؤسسة المتحكمة في مفاصل الدولة الجزائرية محاولة تدشين مواجهة إعلامية ساخنة مع المغرب بعد فشل الأولى في نهاية فبراير الماضي، والحديث هنا عن الجيش الذي يقوده الجنرال السعيد شنقريحة، حيث نشر تعليقا من صفحتين في العدد الأخير لمجلته، يتهم المملكة بالخيانة وعاد لتقليب صفحات التاريخ من زاوية ضيقة ومحدودة الرؤية بدون مناسبة أو سياق.
هذه المجلة التي تعتبر لسان الحربية عند الجارة الشرقية قالت إن هنالك “دولة مجاورة تتحرك وتعمل ضد الجزائر لم تخف حقدها وكرهها لبلادنا، ليس من اليوم فقط، بل على امتداد قرون خلت، فمن خان البطل النوميدي يوغرطة سنة 104 قبل الميلاد؟ من انقلب على الأمير عبد القادر في ديسمبر سنة 1847 وتحالف مع العدو الفرنسي لحصاره؟ ومن خان الزعماء الخمسة ووشى بهم إلى فرنسا شهر أكتوبر 1956؟ ومن هاجم بلادنا في أكتوبر 1963 وجراحها لا تزال تنزف لاحتلال مدينتي تندوف وبشار وضمهما لمملكته؟”.
وقال محرر التعليق إنّ الجيش الجزائري كان بمقدوره التدخل في المغرب مرتين أو على الأقل مساندة الانقلابيين في محاولتي الصخيرات 1971 وطائرة الملك سنة 1972، ثم أضاف : “لكن الجيش الجزائري لم يترب على الخيانة والغدر وأبى أن يتدخل في شؤون الغير”.
وتابعت المجلة “كما كان بمقدور جيشنا التدخل في ليبيا واغتنام الفرصة إلى جانب عديد الدول لاقتسام الكعكة ولكن شهامته وعفته واحترامه للشعب الليبي الشقيق أبت أن تجره إلى مستنقع الدم والخيانة بل عكس ذلك شاركت الجزائر في حلحلة الأزمة الليبية وكان لها دور جوهري وحاسم من خلال دعمها لحكومة الوحدة الوطنية الليبية الشرعية وهو الشيء الذي لم يرق بعض المهرجين والمغامرين الذين لا يريدون الخير لليبيا والمنطقة المغاربية”.
كما اتهم الجيش الجزائري الدولة المغربية التي يستعمل في وصفها كلمة “المخزن”، بالترويج لإشاعة زيارة سرية قام بها رئيس الأركان الجنرال السعيد شنقريحة إلى فرنسا.
هذه الافتتاحية التي طغى عليها أسلوب الإعلام الحربي حين يحمى وطيس المعارك وكأن المواجهة المسلحة جارية الآن في الميدان، أوردت أن القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي وجهت “رسائل تحذيرية قوية بنسف كل من يحاول المساس بسمعة وأمن الجزائر، وحرمة ترابها الوطني، من فئة أصحاب النوايا السيئة الذين يسعون بكل الطرق إلى تأجيج وتأزيم الوضع في البلاد”.
وفي نهاية فبراير الماضي نشرت وزارة الدفاع الجزائرية بيانا بدون سياق، تكذب فيه خبرا غير رسمي لم نجد له أثرا في وسائل الاعلام، ووصفت المغرب بالدولة “المخزنية الصهيونية”، والخبر حسبها يفيد أن الجزائر “بصدد إرسال قوات للمشاركة في عمليات عسكرية خارج الحدود الوطنية تحت مظلة قوات أجنبية في إطار مجموعة دول الساحل الخمس”
وقد تكون محاولات عسكر الجزائر تفريغا إعلاميا عن شعور جماعي للجنرالات بدخول العلاقات بين البلدين مرحلة خطيرة يطبعها إحساس قوي بخروج قضية الصحراء عن سيطرة الجناح المتمسك بتأبيد الصراع.
ويبدو أن المغرب الرسمي فطن للخطة وتجاهل الرد على الاستفزازات التي بدأت أولا باستعمال برنامج قناة “الشروق” لدمية للملك محمد السادس ثم بيان الجيش وتلاه حواران للرئيس عبد المجيد تبون مع وسيلتين إعلاميتين دوليتين وازنتين وهما مجلة «لوبوان» الفرنسية وقناة «الجزيرة» القطرية محورهما ملف الصحراء وصولا إلى مجلة الجيش. (الأيام 24)