عام قبل الألعاب الأولمبية في باريس.. الجدل يحتدم في التفاصيل، تتزايد الشكوك المحيطة بتنظيم هذا الحدث الرياضي الضخم.
ويثير الجدل والتعثرات المختلفة التي تعيق استعدادات الألعاب القلق والتساؤلات حول قدرة البلاد على الوفاء بالتزاماتها تجاه اللجنة الأولمبية الدولية وتلبية توقعات الملايين من عشاق الرياضة في جميع أنحاء العالم.
ومن مشاكل الأمن، والمناخ الاجتماعي المضطرب في أعقاب التحركات ضد إصلاح نظام التقاعد، ووجود العمال من المهاجرين غير الشرعيين في مواقع الألعاب الأولمبية، وتأخير تسليم المنشآت، واستقالة رئيس اللجنة الوطنية الأولمبية والرياضية الفرنسية، ونقل المشردين من باريس إلى جهات أخرى، كل هذه المواضيع تثير القلق لدى الرياضيين والسياسيين والمراقبين في البلاد وخارجها، مما يضر بسمعة فرنسا التي سبق وأن تضررت بعد تنظيم نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2022 بين ريال مدريد وليفربول في (ستاد دو فرانس) وأعمال الشغب والعنف التي رافقت هذه المباراة.
وفي مارس الماضي، حذر تقرير لجنة الشؤون الثقافية والتعليم في الجمعية الوطنية من مشاكل الأمن في التحضير لهذه الألعاب الأولمبية، حيث أشار إلى “عجز مقلق” في قطاع الأمن الخاص، في حين أن لجنة تنظيم الألعاب الأولمبية والبارالمبية ستحتاج ما بين 22 ألفا إلى 33 ألف حارس أمن خاص.
ووفقا لتقرير من مجلس الحسابات الفرنسي، “اتخذت السلطات العامة وجهة إيل دو فرانس إجراءات لزيادة جاذبية مهنة الأمن الخاص، ولكنها تبين أنها متأخرة جدا لنأمل أن يكون القطاع قادرا على توفير العناصر اللازمة خلال الألعاب”. ودعت وثيقة أخرى من المؤسسة، نشرت في بداية يناير الماضي، إلى “يقظة شديدة” وضرورة اكتمال مخطط الأمن الشامل للألعاب في النصف الأول من عام 2023، لتثبيت احتياجات الأمن الخاص، التي قد تكون نقص الوسائل فيها “محتملة”، والتخطيط للجوء إلى قوات الأمن الداخلي.
وأطلق مجلس الحسابات من جديد صفارة الإنذار، محذرا من “حالات عدم اليقين والمخاطر التي تحيط بتنظيم الألعاب”، خاصة فيما يتعلق بالنفقات المخطط لها من قبل اللجنة المنظمة. وأضاف قضاة المجلس أنه “على الرغم من أن مستوى الموارد المعتمد يبدو معقولا، إلا أن هناك عدم يقين كبير، خاصة بالنسبة للشراكات المحلية”.
وبالإضافة إلى التأخيرات في مواعيد تسليم المنشآت المضمنة في هذا الحدث، جاءت فضيحة أخرى لتضرب سمعة فرنسا، بعدما كشفت التقارير عن وجود مئات العمال غير النظاميين في موقع القرية الأولمبية، ووجود شبكة من الشركات المشبوهة تمتد إلى ما هو أبعد من مواقع الألعاب، حيث يحتل العمال “غير الشرعيين” أكثر المناصب تعرضا للإصابة بالحوادث ويتعرضون لـ “استغلال مفرط”.
وخلال الأيام الأخيرة، أثارت قضية أخرى الكثير من الجدل، بعدما طلبت الحكومة من الولاة إنشاء “مراكز استقبال مؤقتة إقليمية” في جميع الأقاليم، باستثناء (هو دو فرانس) وكورسيكا، لإيواء الآلاف من المشردين، بشكل أساسي المهاجرين، لـ “تخفيف الاكتظاظ في مراكز الإيواء” بإيل دو فرانس، مما أثار، مرة أخرى، قلق وغضب جمعيات حقوق الإنسان ومساعدة اللاجئين.
ويوم 25 ماي الماضي، قدمت رئيسة اللجنة الوطنية الأولمبية والرياضية الفرنسية، بريجيت هنريكيس، استقالتها من منصبها، وسط توترات شديدة حول العديد من القضايا، بما في ذلك علاقاتها مع سلفها دينيس ماسيليا. ووصفت بعض وسائل الإعلام استقالتها بأنها “صاعقة في قمة الرياضة الفرنسية” قبل أقل من عام من تنظيم الألعاب الأولمبية.
وفي قطاع وسائل النقل، الذي يشهد تأخرا في عدد من المشاريع، أشار (معهد مونتاين)، وهو مركز للتفكير حول السياسات العامة في فرنسا، إلى أن “الحلول المعلنة لا تبدو كافية وغير قابلة للتنفيذ عمليا”.