أنا الخبر ـ متابعة
كشف الطيب حمضي، أن اللقاحات ضد كوفيد 19 وجدت في زمن قياسي بفضل تظافر عدة عوامل.
وأضاف الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، في تدوينة على صفحته بالفيسبوك أن بعض الناس يعتقدون ان سرعة الوصول الى لقاحات ضد كوفيد 19 هو تسرع أو يثير الشكوك.
الحصول على لقاح في ظرف وجيز -أقل من سنةـ يعتبر إنجازا علميا غير مسبوق في تاريخ الطب. معدل الوصول إلى لقاح هو أزيد من عشر سنوات كمتوسط. الوصول الى لقاح ضد بوشويكة (جدري الماء أو الحُمَاقُ Varicelle) تطلب 34 سنة. السيدا: نحن اليوم في 40 سنة من المرض والأبحاث دون لقاح بعد…
هناك على الأقل ثلاثة أسباب يرجع الفضل لها في هذه السرعة مع كوفيد 19:
أولا. جائحة كوفيد لم تصب الافراد فقط، بل أثرت كثيرا على الحياة الاجتماعية وعلى العملية التعليمية وأنهكت الاقتصادات العالمية. الخسائر الاقتصادية العالمية بسبب الجائحة تقدر بآلاف الملايير من الدولارات. يكفي ان نشير ان ما صرفته الدول الغنية في مجموعة العشرين G20 لمجابهة الجائحة وصل لحد اليوم الى 11 ألف مليار دولار، وهو رقم فلكي.
بسبب دلك سارعت المختبرات بتخصيص ميزانيات ضخمة لإجراء الدراسات والأبحاث لإيجاد اللقاح. المختبرات تدرك يقينا ان عملية تسويق اللقاح وبيعه ستتم بسرعة فائقة بسبب انتظارات العالم كله لهدا الحل.
أكثر من ذلك، حتى الحكومات قدمت ملايير الدولارات للمختبرات لمساعدتها على مواصلة وتسريع الأبحاث. الدول الغنية أبرمت اتفاقيات كطلبيات مسبقة لشراء كميات هائلة من اللقاحات. وهدا التمويل الاستثنائي كان عاملا أساسيا في تكثيف الدراسات ليل نهار وبأقسى الإمكانيات البشرية والمادية والتقنية.
ثانيا. هناك دور مهم لتقنية حصل أصحابها على جائزة نوبل للكيمياء سنة 2017، استعملت لأول مرة في تطوير اللقاحات مع كوفيد 19.. تم تطوير مجهر إلكتروني يساعد على تبسيط وتحسين تصوير الجزيئات الحيوية بتقنية التجميد Cryo microscopie électronique. لتحديد بنية الفيروس، وبالتالي دراسة مكامن ضعفه وطرق صنع لقاحات تقضي عليه .
وهكذا تمت دراسة فيروس كورونا المستجد وتصويره في أدق تفاصيله ومشاهدته من طرف العالم في زمن قياسي لا يتعدى بضعة أسابيع عوض عدة سنوات في السابق.
ثالثا. الأبحاث عن اللقاح ضد فيروس كوفيد 19 لم تنطلق من الصفر، بل من تراكم علمي مع نسختين سابقتين من الفيروسات التاجية: وباء كرونا 1 بآسيا سنة 2003، ووباء كرونا الشرق الأوسط سنة 2012. خلال الوباءين معا تم توقيف البحث عن اللقاح بسبب التحكم والقضاء على الوباءين.
وحيث أن هناك تشابه كبير بين الفيروسات الثلاثة التي تنتمي لنفس الفصيلة، فان البحث بدأ سنة 2020 مع كرونا المستجد من حيث انتهت الدراسات السابقة وليس من الصفر. وهو ما سهل تسريع الأبحاث والوصول الى نتائج مرضية اليوم في أوقات قياسية.
وحول المكاسب المنتظرة من التلقيح، قال الطيب حمضي:
– على المستوى الفردي: حماية صحة وحيات الناس الملقحين ضد الامراض المستهدفة.
– على المستوى المجتمعي: تخفيض أعداد الناس الدين ينشرون المرض، وبالتالي تحجيم الوباء ومحاصرته بفضل المناعة الجماعية.
– على مستوى المنظومة الصحية: تفادي الضغط على المنظومة الصحية وعلى الأطر الصحية لمواجهة مضاعفات ومخلفات تلك الامراض.
– على المستوى الاقتصادي: تفادي الخسائر الاقتصادية الناجمة عن مصاريف وتكاليف الاستشفاء والعلاج، والاعاقات الناتجة عن هده الامراض، والغياب عن العمل والهدر الاقتصادي الناتج عنه. هدا بالنسبة للقاحات بشكل عام.
واستمر الطبيب موضحا، اليوم هناك ازيد من 200 لقاح ضد كوفيد قيد الدرس او التجريب. حوالي 50 منها في مرحلة الدراسات السريرية أي على البشر، 12 منها في المرحلة الثالثة او أنهتها.
النتائج المعلنة لحد اليوم تؤكد درجة عالية من الأمان والفعالية: آثار جانبية قليلة وبسيطة، وفعالية تفوق ال 90%. وهو ما لم يكن يتوقعه حتى الأكثر الباحثين تفاؤلا.
هناك اجمالا خمس تقنيات كبرى تتبعها المختبرات لإنتاج هده اللقاحات: اللقاح الحي الموهن، اللقاح الخامل Vaccin inactivé، لقاح بتوظيف جزيئات ال فيروسSous unitaires، تقنية “النواقل الفيروسية” (Vecteur viral) ، تقنية “الحمض النووي الريبوزي المرسال (ARN messager) .
هده الأخيرة هي التقنية الجديدة والتي استعملتها مختبرات فايزر وموديرنا.