بقلم: جعفر الحر
تعود فضائح عسكر الجزائر لتطفوا على السطح من جديد، وتنبعث جرائمه من الرماد لتكشف حقيقته الدموية أمام العالم بأسره وليس فقط أمام الشعب الجزائري، خصوصا إبان العشرية السوداء التي قتل فيها الجيش الجزائري آلاف المواطنين العزل بدعوى محاربة الإرهاب، حيث تؤكد شهادات الناجين من المجازر وكذا اعترافات جنود سابقين استيقظت ضمائرهم، وكذلك اعترافات المتواطئين مع المخابرات الجزائرية، عن تورط عسكر الجزائر في عدة مجازر، مثل مجزرة بن طلحة التي راح ضيحتها 400 قتيل ومجزرة الرايس (800 قتيل)، وغيرها كثير.
مناسبة الحديث من جديد عن مجازر العسكر في حق الشعب الجزائري، مقالة جديدة نشرتها -أول أمس-صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية تؤكد فيه أنها اطلعت على مذكرة استخباراتية فرنسية مؤرخة بـ17 يناير المنصرم، تكشف أن العميل كريم مولاي الذي عمل بين عامي 1987 و2001 في مديرية المخابرات الأمنية الجزائرية السابقة، خاصة دائرة الاستعلام والأمن التي حُلّت عام 2015، قبل أن يطلب اللجوء السياسي في بريطانيا منذ بداية عام 2001، قد تم تهديده بالقتل ليتراجع عن اعترافاته السابقة بتورط الجيش الجزائري في ارتكاب مجازر العشرية السوداء.
وتكشف الجريدة أن من بين الجرائم التي تريد المخابرات الجزائرية إجبار عميلها السابق كريم مولاي تغيير اعترافاته حولها، جريمة اختطاف وقتل سبعة من الرهبان الفرنسيين بدير تيبحرين بولاية المدية في مارس 1996، حيث أكد -كريم مولاي- أن تدبير العملية كان من تخطيط دائرة الاستعمال والأمن التي أنشأت “جماعات مزورة” للقيام بعمليات الاغتيال للتلاعب بالرأي العام وتشويه صورة الجماعات الإسلامية وكذا لتأمين الدعم الفرنسي في محاربة الإسلاميين، وقد كانت الخطة تقتضي أن يختطف عناصر “الجماعة المزورة” الرهبان الفرنسيين ويتفاوضوا مع الأجهزة الجزائرية، ثم يقوموا بتسليمهم لهم في ثكنة عسكرية بالبليدة.
وحسب رواية كريم مولاي، فإن الأمور اتخذت منعطفا غير متوقع عندما اطلع جهاديون حقيقيون، بقيادة رجل يدعى أبو مصعب، على الخطة وحاولوا وضع اليد عليهم، مما فاجأ الخاطفين و”قاموا برحلتين ذهابا وإيابا” بين المأوى وثكنة البليدة “لوضع الرهائن في أمان”. وتحث ضغط الجهاديين وخوفا من انكشاف الخدعة، اضطرت الأجهزة الجزائرية إلى ارتكاب الجريمة، وقطعت رؤوس الرهبان بعد تعذيبهم وقتلهم، وأصدرت بيانا باسم الجماعة الإسلامية المسلحة يتبنى العملية.
وحسب صحيفة لوفيغارو، فإن قضية الرهائن الفرنسيين هذه تفوح منها رائحة فضيحة الدولة الجزائرية لتنضاف إلى مجموعة من الجرائم التي ارتكبها عسكر الجزائر في حق مواطنين وفي حق الأجانب المقيمين على أرضها، ومما يعزز رواية كريم مولاي –تقول الصحيفة- أن الشهادات والقرائن العلمية جُمعت، إضافة إلى نحو 20 شاهدا لم يسمعوا من قبل، من بينهم عائدون من الجماعة الإسلامية المسلحة و”سجانون” زعموا أن السجناء نقلوا أو احتجزوا في منزل يُدعى دار الحمرا، في مكان يُدعى تالا السير في منطقة المدية.
يذكر أن العميل السابق كريم مولاي قد قدم شهادات توثق لجرائم النظام الجزائري خلال لقاءات تلفزيونية وصحفية، من بينها تورط الأجهزة الجزائرية في هجوم فندق أطلس أسني بمراكش عام 1994، واغتيال مدير إحدى الجامعات الجزائرية عام 1994، ومقتل الرهبان الفرنسيين السبعة الذي أثار زوبعة كبيرة ودفع المخابرات لتهديده بالقتل.