بقلم: الفاعل الحقوقي نورالدين عثمان
التضييق على النشطاء بمختلف المجالات في إقليم وزان واقع لا يمكن لأحد إنكاره، ويتخذ هذا التضييق اشكالا متعددة يبدأ بالتهديدات بالتصفية الجسدية وينتهي بالتهديد بالسجن والسب والشتم في أحسن الأحوال مع شن حملات تشهيرية مدفوعة الأجر في حق من يخالف أو ينتقد بعض اللوبيات سواء كانوا أشخاصا أو مؤسسات عمومية ومنتخبة أو عبر فضح التلاعبات والاختلالات التي تعرفها الكثير من المؤسسات والقطاعات.
فإذا كان التضييق على الإطارات الحقوقية ونشطاء حقوق الإنسان بصفة عامة وبعض الأصوات المعارضة للعبة السياسية برمتها أمر مفروغ منه نظرا لطبيعة المجال الحقوقي الذي يوجد في تناقض وصراع مع السياسات العمومية المتبعة من طرف النظام السياسي نتيجة عدم احترامه للمتقتضيات الدستورية في شقها المتعلق بالحقوق والحريات أو عدم إحترام المعاهدات والإتفاقيات والبروتكولات الدولية التي صادق عليها المغرب والتي ترمي إلى صيانة واحترام حقوق الإنسان في مفهومها الشامل والكوني، عموما طبيعة العمل الحقوقي أو المناضلين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان يعرفون ويدركون طبيعة هذا الصراع الممتد في الزمان والمكان.
لكن هناك فئات غير “مؤطرة” اختارت الدفاع عن حقوقها وفضح الممارسات اللاقانونية من طرف المسؤولين بمختلف المواقع والمراكز وتبتغي التصدي للظلم ورفع الحيف الذي يلحق بالمواطنين جراء سياسات إما خاطئة أو فاشلة أو عن قصد بهدف تخويف وتركيع المواطنين من أجل الحفاظ على مصالحها التي توجد في حالة تناقض مع مصالح المواطنين وحقوقهم، فهذه الفئات الغير المؤطرة ( وهذا من حقها ولا يمكن لأحد أن يجادل في هذا الحق ) اختارت منصات التواصل الاجتماعي “فيسبوك” هي الفئة الأكثر استهدافا في الوقت الحالي نظرا للدور الكبير الذي تلعبه في إيصال صوت المواطن وكذا فضح الظلم والحيف الذي يطاله والتلاعبات والاختلالات التي تعرفها الكثير من المؤسسات والقطاعات الإدارية والمنتخبة، فوسائل الفضح الحديثة أصبحت مزعجة للكثيرين لذا تجدهم يستعملون مختلف الوسائل من أجل اخراس وتكميم أفواه كل من ينتقد أو يفضح ممارسات تدخل في خانة الخروقات.
إن ما يتعرض له حاليا هؤلاء النشطاء من تهديدات ومضايقات وهناك الكثير من الأمثلة على حالة التضييق هاته لا يمكن تصنيفه إلا في خانة التضييق ومصادرة الحق في التعبير والرأي المكفول دستوريا وفق الفصل 25 من الدستور المغربي، وعلى سبيل المثال لا الحصر على سياسة تكميم الأفواه التي تنتجها السلطات بحق النشطاء هو ما تعرض له الناشط محمد بوصفة المعروف ب” الشريف الوناني” من تعسف وإهانة وتضييق من طرف عون سلطة برتبة مقدم حيث عمد هذا الأخير إلى نزع الهاتف المحمول للسيد بوصفة بالقوة مع وابل من الكلام الساقط وذلك حينما كان يتكلم على المباشر عبر تقنية ” اللآيف” حول موضوع مدرسة عين الحافة المتواجدة بالنفوذ الترابي لجماعة ونانة قيادة المجاعرة إقليم وزان، حيث أن هذه المدرسة تم هدمها قبل ثلاث سنوات بدعوى أنها أصبحت تشكل خطرا على التلاميذ مع ترحيل بعض التلاميذ إلى منزل بشكل مؤقت لا تصلح للدراسة فيما تم تنقيل باقي التلاميذ إلى مؤسستين أخريين بعيدين عن الدوار ولا تصلحا أيضا للدراسة مما ضاعف من معاناة التلاميذ وآباءهم على حد سواء جراء هذا الوضع المزري، وكان من المتفق عليه أن المؤسسة التعليمية ستكون جاهزة في غضون ستة أشهر لكن كل الوعود ذهبت أدراج الرياح ولم يتحقق شيء لحد الآن رغم مرور ثلاث سنوات، هذا الوضع دفع بالمواطنين إلى تقديم الكثير من الشكايات في الموضوع للجهات المعنية لكن دون جدوى فقط الوعود تلو الأخرى، فالسيد بوصفة لم يرتكب أي خطأ بل كان يدافع عن حقوقه على اعتبار أن أبناءه من المتضررين وحقوق باقي أبناء دواره وكل ما قام به هو تصوير جدران وبعض المتلاشيات لا أقل ولا أكثر وطالب بضرورة الإسراع بتشييد هذه المدرسة، إذن أين هو الخطأ هنا حتى يتعرض لكل هذا التضييق والعنف المادي والمعنوي من طرف عون سلطة الذي تجاوز كل اختصاصاته تحت أعين مسؤوليه.
إن التضييق ومصادرة الحق في التعبير والرأي المكفول دستوريا أمر نرفضه وندينه بشدة كمدافعين عن حقوق الإنسان ونعتبر مثل هذه السلوكيات الخارجة عن القانون ومفاهيم حقوق الإنسان تساهم في المزيد من عدم الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة وحتما ستكون لها نتائج عكسية ، كما نعتبر أن دور نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي سواء كأشخاص أو صفحات فيسبوكية دور محوري في الولوج إلى المعلومة وإبلاغ صوت المواطنين إلى الجهات المسؤولة وفضح التلاعبات والاختلالات التي تعرفها الكثير من القطاعات الحكومية.
* إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي جريدة”أنا الخبر” و إنما تعبر عن رأي صاحبها حصرا.