أنا الخبر – الصباح
لم يفصح سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، عن جوانب مهمة من مشاوراته، إذ في الوقت الذي اقتصرت التسريبات على التغييرات المرتقبة في الخارطة الحكومية، يضرب طوق السرية على مشاورات عمودية وأفقية تعد العدة لعملية إعادة انتشار كبرى ستمتد دائرتها إلى مديريات في أغلب الوزارات المعنية بالتعديل وكذا مكاتب وطنية ومؤسسات وشركات عمومية، ينتظر أن تسقط أصحاب الأجور الضخمة، التي تضاعف أحيانا مجموع تعويضات الوزراء.
وعلمت “الصباح” أن لائحة المغضوب عليهم، بسبب ما تضمنته تقارير رفعت إلى الملك تفضح اختلالات كبيرة تورط منتسبين إلى مختلف الإدارات العمومية، تضم مؤسسات حساسة، تتطلب ثورة تصحيحية في تعيينات تمت في السنوات الأخيرة بإعمال مقتضيات الترسانة الجديدة المتعلقة بالتعيين في المناصب العليا، التي تحكم فيها العدالة والتنمية.
وتوقعت المصادر المذكورة أن يتجاوز عدد المعزولين في الإدارات العمومية والمؤسسات العمومية والشركات التابعة للدولة، خمسين إطارا ساميا ينتظرهم شبح التجريد من مهامهم، كما هو الحال بالنسبة إلى المكتب الوطني للمطارات والمكتب الوطني للكهرباء والماء وشركة الخطوط الملكية، بناء على تقارير صادرة من قبل المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة لوزارة الداخلية والمفتشية العامة لوزارة المالية.
وسجلت التقارير المذكورة في حق المكتب الوطني للمطارات على سبيل المثال عدم مطابقة مواصفات مشاريع لتوجيهات المخطط المديري، خاصة في ما يتعلق بمساحة المنشآت وأبعاد البنى التحتية (مدرجات، مرائب الطائرات، والسيارات..)، موضحة أن المواصفات المتضمنة في المخطط لا يتم دائما إنجازها، وأن تلك المعتمدة لا تنبني على دراسات مبررة وموثقة.
ولن يقتصر التعديل الحكومي على تغيير الوزراء بل ستمتد ارتداداته إلى المديريات خاصة في التجهيز والنقل والمالية والفلاحة والداخلية والصحة، كما هو الحال بالنسبة إلى مديرية الماء، إذ مازالت عشرات الصفقات المبرمة منذ سنوات تنتظر في الرفوف، ولم يتم إخراجها إلى حيز التنفيذ، على وقع تلاعبات تحابي شركات محظوظة تتمتع بامتيازات مادية ومعنوية، في حين ترزح الشركات المغضوب عليها تحت وطأة التسويف والانتظار.
وفتح نداء الملك بتعيين وجوه جديدة في مناصب المسؤولية، الباب أمام أطر عليا في القطاع الخاص للمشاركة في التدبير العمومي للاستثمار، إذ علمت “الصباح” أن أسماء مديرين في مؤسسات مالية مرشحة لتولي مناصب حساسة، خاصة على رأس المراكز الجهوية للاستثمار، بعد فشل أطر الداخلية والمالية في المهمة، وينتظر أن يحدث المرشحون الجدد انقلابا في المقاربة المعتمدة لتحويل المراكز الجهوية، إلى دعامة أساسية لجلب الاستثمارات وتنمية النسيج المقاولاتي ومواكبته في توفير الثروة ومناصب الشغل.
وتتحرك كواليس الدولة للإسراع في الاستجابة لنداء الملك في خطاب العرش، الداعي إلى تقديم مقترحات جديدة لمسؤولين عموميين وحكوميين، قادرين على مواكبة التصور الجديد للنموذج التنموي، إذ شرع العثماني في مشاورات قصد وضع هيكلة حكومية جديدة تقوم على أساس أقطاب قطاعية، من شأنها أن تساعد على تجاوز حالة التشنج وتجنب سلبيات الصراع الحزبي.