إذا كان شهر رمضان المبارك يرتبط تقليديا بتدني نشاط المقاهي والمطاعم، فإن العديد منها تعتبر هذه الفترة فرصة للتميز من خلال اقتراحها وصفات جديدة ومنح زبائنها تجارب جديدة لفن الطهي، مع تنظيم أنشطة احتفالية.
ولا تشكل هذه السنة استثناء بالنسبة للمقاهي والمطاعم التي توفر قوائم لوجبة “الفطور” ترمز إلى ثراء فن الطهي المغربي، حيث يعد رمضان مناسبة للتجديد والتكيف مع متطلبات الزبناء، والتنافس في تقديم أشهى الوصفات من أجل بناء سمعة جيدة والحصول على أكبر حصة من السوق.
ويحرص المهنيون على تقديم مجموعة متنوعة من الأطباق التقليدية، بدءا من “الحريرة” الشهية وصولا إلى كعك “الشباكية” الشهير، مرورا بأنواع التمور التي يتم تقديمها بشكل مغاير ومتميز.
وتبهر هذه الأطباق، التي تعد من رموز الطهي في المغرب، الزوار بعد يوم من الصوم، وتساهم في خلق جو دافئ وودود عند ساعة الإفطار.
ولا تكتفي المقاهي والمطاعم بتقديم الأطباق التقليدية، بل إنها تعمل أيضا على خلق أجواء موسيقية وفنية آسرة تمكن زبناءها من قضاء أوقات ممتعة، مما يجعلها فضاءات للقاء والتقاسم والتماسك الاجتماعي الذي تزينه الأحاديث الثنائية والجماعية والنقاشات المتعددة.
وقال إدريس، مسير مقهى بالدار البيضاء، إن “رمضان يعد فرصة لمقهانا لينبض بالحياة بطريقة خاصة.
فنحن نرى طاولاتنا تمتلئ بالزبائن الذين يأتون لاقتسام لحظات من البهجة بعد يوم من الصيام”.
وأضاف “نحن لا نكتفي بتقديم القهوة والحلويات الجيدة فحسب، بل نقترح كذلك مجموعة كاملة من الخدمات حتى يتمكن الزبناء من قضاء أوقات ممتعة”.
من جهته، أكد نادل شاب يبلغ من العمر 26 عاما ويشتغل في مقهى/مطعم بالدار البيضاء، أن أسعار وجبات “الفطور” يمكن أن ترتفع قليلا، لأن أصحاب هذه المؤسسات يراهنون على المنتجات ذات الجودة العالية لجعل الزبون يحظى بتجربة غذائية لا تنسى.
وأوضح أنه “لأجل خلق أجواء احتفالية، ننظم أمسيات يتم تنشيطها بالموسيقى والترفيه”، مشيرا إلى أن الأمسيات غالبا ما تمتد إلى أوقات متأخرة.
ومن أجل استقطاب العديد من الزبناء في هذا الشهر الكريم، تعمل المقاهي والمطاعم على استغلال كل الوسائل الممكنة لتحقيق ذلك، لاسيما اللجوء إلى شبكات التواصل الاجتماعي التي تلعب دورا محوريا في الترويج لعروضها المتنوعة، من خلال تقاسم صور أطباق توصف بـ”الشهية”، ومقاطع فيديو لعروضها الموسيقية.
وتعتبر هذه الإستراتيجية جد فعالة مع الزبناء الشباب والمستعملين لشبكة الانترنت بشكل مكثف، وكذا الباحثين عن تجارب فريدة لفن الطهي من أجل مشاركتها مع أصدقائهم وذويهم.
ويبحث أرباب المقاهي والمطاعم باستمرار عن الأفكار الجديدة من أجل تحقيق التميز مقارنة مع منافسيهم، مع إيلاء اهتمام كبير، على الخصوص، لجودة المنتجات المقترحة على الزبناء، ولطرق تقديم وتزيين الأطباق والأمكنة المخصصة لذلك.
ويلجأ بعض أصحاب المقاهي والمطاعم إلى استضافة احتفالات خاصة، على غرار تذوق الطعام أو تقديم عروض مباشرة لعملية الطهي، ويظهرون رغبة حقيقية في الابتكار والتكيف مع الأجواء التي يحبذها الزبناء بغية الترفيه عنهم.
واكتسب المهنيون في قطاع المقاهي والمطاعم، على مر السنين والتجارب، أساسيات تحقيق النموذج الاقتصادي الجيد والمتين، مما يجعلهم يصمدون أمام تقلبات وصدمات النشاط الاقتصادي.
إن شهر رمضان يعد، بالنسبة للمقاهي والمطاعم، فترة للاحتفال وتقاسم تجاربها، حيث تتحول إلى فضاءات حقيقية لفن الطهي، مما يبرز أهميتها في الحياة الاجتماعية والثقافية للمغاربة.