المصدر: الصباح
أرغم المنحنى المتصاعد لأرقام الإصابات المؤكدة، منذ بداية الأسبوع الجاري، وزارة الصحة ولجان اليقظة والمراقبة المكلفة بمتابعة تطور فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، على تغيير الخطة المعتمدة كليا، ووضع تدابير جديدة ونوعية تروم مهاجمة بؤر الوباء والحالات المشكوك فيها، بدل انتظار وصولها إلى المستشفيات.
وأرعبت الأرقام المخيفة المسجلة في أربع جهات (خصوصا بجهة البيضاء-سطات)، إلى حدود أول أمس (الأربعاء)، السلطات العمومية التي قررت إعادة النظر في بروتوكول التكفل والعلاج والتتبع الصحي، عبر وضع جميع المخالطين (الذين تجاوزوا 8600 مخالط) في الحجر الصحي، وإخضاع جميع الحالات المشكوك فيها إلى التحاليل المخبرية، مع إعطائهم جرعات مكثفة من دواء الكلوروكين في الفترة التي تسبق ظهور نتائج التحليلات.
وفرض ظهور بؤر وباء عائلية في عدد من المناطق والأحياء، التخلي عن الخطة السابقة التي كانت تروم احتواء انتشار الفيروس، بقدر معين من الحذر تفاديا لترويع المواطنين وتخويفهم، لكن الأمر تغير كليا بارتفاع منحنى الإصابات، الذي أرغم السلطات العمومية على وضع أحياء تحت الحجر الصحي ومنع الدخول أو الخروج منها إلا بإذن ومحضر، كما يجري الآن بدوار بدار بوعزة بضواحي البيضاء وأحياء أخرى بعدد من المدن.
ولم يعد خافيا أن المدينة تحولت إلى بؤرة وباء خصوصا في بعض الأحياء الشعبية والمقاطعات، في غياب أي معطيات أو تواصل جدي حول هذا التطور الخطير، سواء من قبل المديرية الجهوية لوزارة الصحة التي لم تصدر بلاغا واحدا منذ 39 يوما (عكس المديريات الجهوية التي تصدر بلاغا في كل يومين تقريبا)، أو من قبل السلطات العمومية بالجهة لتوضح للرأي العام المحلي والجهوي ما يجري بالضبط، وتبديد مخاوف السكان التي تكبر يوميا.
وقالت مصادر إن انهيار البيضاء (قلب المغرب ومركزه المالي والاقتصادي)، يعتبر انهيارا للمنظومة الصحية ككل في مواجهة فيروس كورونا، مؤكدة أن تنفيذ تدابير الخطة الثانية سينطلق من هذه المدينة، من أجل محاصرة جميع الحالات والهجوم عليها داخل المنازل والبؤر العائلية والجغرافية المحتملة، وإخضاعها إلى بروتوكول التحليلات المخبرية الشاملة، بموازاة استعمال الدواء المعتمد من قبل اللجنة العلمية والتقنية التي يوجد مقر اشتغالها أيضا بالمدينة نفسها، ويشرف على تنسيق عملها المدير العام للمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد.
وأوضحت المصادر نفسها أن الخطة الثانية تتميز بنفس استباقي محض، تشتغل بميكانيزم الفعل وليس رد الفعل، كما جرى في الفترة السابقة، ما ساهم في انتشار سريع لبؤر الوباء، مؤكدة أن أي تأخر في هذا المجال، ستكون عواقبه وخيمة، بالنظر إلى السرعة القصوى التي ينتشر بها الفيروس بعد استكمال فترة حضانته.
وقالت المصادر نفسها إن وزارة الصحة قررت النزول بكل ثقلها إلى المدينة والجهة، وتقدير الإمكانيات الموجودة وتجويد العمل الميداني وتكثيف التتبع الصحي والمراقبة ونجاعة البروتوكول المعتمد، من أجل التقليل من المخاطر المحتملة، مؤكدة أن ما تم إلى حد الآن بالجهة يفتقر إلى الحكامة والتسيير الجيد.
واستغربت مصادر “الصباح” سر “البرود” الذي تتعاطى به أطر المديرية الجهوية للصحة مع الجائحة، والغياب التام لأية مبادرات، أو برامج استباقية للحد من الانتشار المخيب للفيروس في أنحاء الجهة، رغم الإمكانيات المتوفرة من حيث البنيات التحتية والتعبئة المتواصلة لتوفير عدد من التجهيزات والمعدات، آخرها توصل المديرية بـ90 آلية للتنفس وأسرة مجهزة من مجلس الجهة بقيمة 26 مليون درهم، دون أن يعرف مصيرها.