المصدر: الصحيفة
على الرغم من أن لا شيء تقريبا يجمع بين ملف المصالحة الليبية والتطورات الأخيرة لقضية الصحراء، باستثناء الدول الذي تلعبه الدبلوماسية المغربية فيهما، والتي نجحت على المستويين في تحقيق مكاسب غير مسبوقة، إلا أن الجزائر ترى الربط بينهما ضرورة ملحة، وهو الأمر الذي يبدو من خلال التحركات الأخيرة لوزير خارجيتها صبري بوقدوم، الذي طرح الملفين على طاولة نظيره الروسي مؤخرا.
وأعلن بوقدوم من خلال حسابه الرسمي على “تويتر” أنه تواصل هاتفيا مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، حيث تناولا مسائل تتعلق بمكافحة جائحة كورونا وتوفير اللقاح الروسي “سبوتنيك V”، وأضاف أن المباحثات تناولت أيضا “القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، خاصة الأوضاع في ليبيا والصحراء الغربية”، على حد توصيفه، وهو الأمر الذي يتزامن مع مضي المغرب قدما في تحريك المياه الراكدة بخصوص الملفين.
وتأتي مكالمة بوقادوم للافروف أياما بعد نجاح حوار ممثلي مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة الليبيين المنعقد بمدينة بوزنيقة المغربية، في الاتفاق على تشكيل وتسمية فرق عمل مصغرة تتولى اتخاذ الخطوات الإجرائية بشأن شاغلي المناصب السيادية، ويتعلق الأمر بمنصب محافظ مصرف ليبيا المركزي ونائبه، ومنصب رئيس هيئة الرقابة الإدارية ووكيله، ومنصب رئيس ديوان المحاسبة ونائبه، إلى جانب منصب رئيس هيئة مكافحة الفساد ونائبه، ومنصب رئيس وأعضاء المفوضية العليا للانتخابات.
ويمثل هذا الاتفاق خطوة أخيرة تمهد للتنزيل الفعلي لمؤسسات الدولة الموحدة في ليبيا، بعد أن كان المغرب قد نجح في نونبر الماضي في جمع أعضاء مجلس النواب الليبي داخل منتجع “الهوارة” في طنجة لعقد أول جلسة حوار بنصاب قانون لأعضاء مجلس النواب انتهت بالاتفاق على عودة المؤسسة التشريعية للانعقاد داخل التراب الليبي، وهو ما دفع حينها وزير الخارجية الروسي للاتصال بنظيره المغربي ناصر بوريطة والتباحث معه حول هذا الملف.
وكان بوقادوم قد زار أيضا رئيس مجلس النواب الليبي في طرابلس، محمود سيالة، والتقى بمجموعة من أعضاء المجلس، مشددا على أن الطرفين اتفقا على “ضرورة احترام إرادة الشعب الليبي”، مع “الترحيب بمواقف ودور الجزائر”، وهي العبارة التي تبرز سعي الدبلوماسية الجزائرية إلى التقاط تنويه من طرف المؤسسة التشريعية الليبية، بعد أن شهدت الأراضي المغربية جميع الاجتماعات الحاسمة التي مهدت لعودتها إلى أدوارها الدستورية.
ويمكن قراءة التحرك الجزائري في ليبيا أيضا وربط ملفها بقضية الصحراء، ضمن سياق يتسم بقرب انعقاد القمة الإفريقية في 21 فبراير المقبل، والتي ينتظر أن تشهد منعرجا حاسما بخصوص ملف الصحراء من خلال طرح المغرب مقترحا لتعديل ميثاق الأمم المتحدة بما يسمح بشطب عضوية ما يسمى “الجمهورية العربية الصحراوية”، ويشي التقارب المغربي الليبي إلى كون طرابلس ستدعم الرباط في هذه الخطوة مع ما لها من دلالة رمزية كون أن ليبيا في عهد معمر القذافي كانت في صدارة داعمي جبهة “البوليساريو” الانفصالية سياسيا وماليا وعسكريا.