أنا الخبر ـ العلم
في ظل تمايز الأوضاع والإمكانيات بين الدول في مواجهة جائحة كورونا، وعدم استقرار منحى الإصابات في بلادنا، بسبب قلة عدد التحليلات المخبرية للكشف عن الإصابة إجمالا، وبعض المقارنات التي تقول إن المغرب لم يصل بعد مرحلة الذروة حيث يستوي منحى الإصابات قبل أن يشرع في النزول، والتوقعات المؤكِّدة على استمرار معدلات الإصابة في الارتفاع خلال الفترة القادمة على الأقل.. يبدو من السابق لأوانه الحكم باجتياز المملكة لمرحلة الخطر الوبائية، أو تطويقها لانتشار الفيروس في المرحلة الثانية، رغم إشادة عدة خبراء بنجاعة الإجراءات المتخذة، وتنويههم باستفادتها من تجارب مقارنة في دول أخرى.
تفاؤل وتحذير..
في هذا السياق، أكد الدكتور رشيد إحموتن، مدير المركز الاستشفائي الجهوي لفاس- مكناس، على أن القرار المحوري في المرحلة الحالية هو لزوم المغاربة لبيوتهم في إطار إجراءات الحجر الصحي، متوقعا في تصريح لـ”العلم”، أن هذا الالتزام إذا تم على الوجه المطلوب، فإنه سيمكن المغرب من الخروج من الحجر ولو جزئيا في ظرف 15 يوما المقبلة، وذلك بتحديد البؤر الوبائية المحلية والتحكم في انتشار الفيروس.
وأكد إحموتن، على أن مجمل الإجراءات التقنية المتخذة أثبتت نجاعتها، مضيفا أن جل المراكز الاستشفائية الجامعية ببلادنا، شرعت فعليا في إجراء التحليلات المخبرية التي تستغرق ما بين ساعتين إلى أربع ساعات للكشف عن الإصابة بالفيروس من عدمها، موضحا أن هذه العملية ستمكن من ربح وقت الانتظار الذي تقضيه العينات المرسلة من مختلف الجهات إلى المختبرات المرجعية الثلاثة المعتمدة في الرباط والبيضاء، ممّا يعني رفع مجموع التحليلات واكتشاف الإصابات، وخفض خطر انتقال العدوى بين الأسر والجيران والمخالطين.
خصوصية المغرب تحددها إمكانياته
بدوره، اعتبر الدكتور عز الدين إبراهيمي، مدير مختبر البيوتيكنولوجيا الطبية بكلية الطب والصيدلة بالرباط، أن الحديث عن المراحل الوبائية كما تصنفها منظمة الصحة العالمية، يجب أن يؤخذ من زاوية خصوصية كل بلد على حدة، إذ إن وضعية المغرب تحددها إمكانياته، موضحا في تصريح لـ”العلم”، أن إجراءات التصدي للوباء تقوم أساسا على عاملين هما العلمي والتدبيري، ما يعني عدم إمكانية استباق المستقبل من خلال الأرقام المتوفرة ببلادنا بطريقة سلسلة مثلما هو الشأن بالنسبة لدول مثل الولايات المتحدة الأمريكية، التي تجري عددا أكبر من التحليلات.
نصف الإصابات تكون بدون أعراض..
وشدد إبراهيمي، على أن المغرب قام بمجهود كبير واتخذ قرارات سيادية بالنسبة لإغلاق الحدود، واعتماد بروتوكول علاجي على أساس الكلوروكين، والحجر الصحي، وفرض الكمامات غيرها..، مشيرا إلى أن الحجر الصحي يجب أن يستمر الوقت الذي ينبغي له على الأقل إلى أن تخرج منه دول مثل فرنسا وإسبانيا وولاية نيويورك، هذه الأخيرة اعتبرها نموذجا رائدا في التصدي للوباء بالنظر للإمكانيات التي تتوفر عليها.. لأن المغرب استفاد كثيرا في تبئير الأزمة من تجارب دول أخرى.
وقال البروفيسيور ذاته، إن التركيز يجب أن يكون على فهم المسائل العلمية من خلال عمليات التحسيس، لأنها الكفيلة بجعل المواطن واعٍ بسبل التعامل مع كورونا وعدم الخوف منه بشكل مبالغ فيه، مبيّنا أن أعراض هذا المرض تكون عادية لدى 85 من المصابين، وأن أقل من 12 في المائة من هؤلاء يحتاجون للعلاج في المستشفى، بينما 3 في المائة فقط يصلون مرحلة الإنعاش. وهنا حسب الخبير، تظهر نجاعة الكشف عن الإصابة خلال الأيام السبعة الأولى التي تكون فيها الأعراض بسيطة.
ومن المعلومات الغائبة عن غالبية الناس بحسب إبراهيمي، أن 50 في المائة من الإصابات بكوفيد-19، تكون بدون أعراض، وخاصة لدى الأطفال من 0 إلى 10 سنوات، وأن المقارنة يجب أن تؤخذ في سياق معدل الإصابات وليس بأرقامها لأنها غير دالة مائة في المائة على الواقع، داعيا إلى ضرورة بلورة المغرب بعد هذه الأزمة لاستراتيجية واضحة، من خلال التطوير والتشخيص والإرشادات، لأن تدبير هذه الجائحة هو حرب، كانت ستكون أقسى لو وقع فيها المغرب وحده.
مراكز كشف إضافية..
من جهته، قال الدكتور محمد الرجاوي، مدير المعهد الوطني للصحة بالرباط، إن هذه المؤسسة من بداية الوباء بالمغرب لم تفتأ تستقبل أعدادا متزايدة من العينات، فقد بدأت باستقبال بعض العشرات ليصل العدد اليوم لأزيد من أربعمائة عينة في اليوم، مفسرا كيف أن بلادنا تعمل وفق خطة وطنية لتطويق الوباء، والتي تتضمن توسيع المختبرات لتساير الحالة الوبائية التي وصلتها بلادنا.
وأوضح الرجاوي، أن المختبرات الثلاثة المرجعية كانت كافية خلال المرحلتين الأولى والثانية من انتشار الوباء. بينما الآن، في المرحلة الحالية تمت إضافة مختبرات في المراكز الاستشفائية الجامعية بكل من مدن الرباط ومراكش وأكادير وفاس ووجدة، وهو عمل كان ينسقه المعهد الوطني للصحة، وشرعت فعلا بعض هذه المختبرات في التحليل منذ يوم الجمعة الماضي مثل مختبر وجدة وفاس والبيضاء، ورسميا يبدأ غدا الاثنين في المركز الاستشفائي الجامعي للرباط.
وأضاف أن عملية توسيع الكشوفات المخبرية ستشمل في المرحلة المقبلة، مجمل المدن البعيدة عن المركز.