أنا الخبر ـ الصباح
أثار التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات، المنجز من قبل قضاة المجلس، جدلا واسعا على وسائط التواصل الاجتماعي، إذ طالب ناشطون بتحريك المتابعات القضائية في حق الفاسدين الذين رصدتهم التقارير الجهوية للمجلس، والتي عرت فساد مجموعة من المؤسسات والإدارات العمومية. ففي وقت كان المغاربة يصفقون في وقت سابق لعمل المجلس، في ما له علاقة بفضح فساد المسؤولين، ارتفع سقف المطالب، هذا الموسم، إذ طالبوا بالانتقال إلى السرعة القصوى في محاسبة مهدري المال العام، خاصة في وقت دعا فيه الملك محمد السادس، إلى الدخول في مرحلة جديدة، عنوانها العريض ربط المسؤولية بالمحاسبة، والقطع مع العبث في التعامل مع أموال المغاربة.
أصبحت تقارير المجلس الأعلى للحسابات، موضوع نقاش وتعليق، شرائح متعددة، إذ في وقت كان يهتم بها المثقفون والسياسيون والنقابيون، أضحت هذه الوثيقة السنوية، تجذب انتباه الفئات ذات الثقافة المتواضعة، بالنظر إلى قوة متن هذه التقارير التي تشير بأصبعها إلى الفساد بوضوح، وتحصر الاختلالات والنواقص بلا هوادة.
غضب واستياء
قال علي لطفي، رئيس المنظمة الديمقراطية للشغل، الذراع النقابي لحزب الأصالة والمعاصرة، في تدوينة على موقع فيسبوك، “إن تقرير جطو يكشف غياب العدالة الضريبية.. المداخيل الجبائية جد مركزة على فئة محددة من دافعي الضرائب، وخاصة فئة الموظفين والأجراء بالقطاع الخاص”. وتساءل لطفي “هل العدالة الضريبية تحتاج إلى الكفاءات أم إلى الإرادة السياسية للدولة؟”. وانتقد لطفي توصيات التقرير، داعيا إلى عدم اجترار التقارير، والانتقال إلى مرحلة الجرأة في الإصلاح، قائلا “من سيراجع النظام الضريبي الحالي بقرار سياسي وقانوني، حتى لا نظل نجتر تقارير وتوصيات الندوات والمناظرات حول النظام الجبائي واختلالاته إلى درجة أنها أصبحت كالأسطوانة المشروحة”.
ومن جانبه علق عبد اللطيف بنعمر، الصحافي والناشط على موقع فيسبوك، على تقرير جطو، بالقول إن “تقرير جطو كشف بالأرقام و المعطيات و الدلائل أن المغاربة رهينة فاسدين و مفسدين، في كل القطاعات و المؤسسات، الذين لا يخافون العقاب و لا المحاسبة”، مضيفا “أمام فداحة هذه الجرائم، و ضخامة هذا الخراب الذي يطول البلد والمواطنين، أصبحنا نخاف أكثر، ليس على قدرتنا الشرائية المنهوكة، ولا على تعليمنا المريض، و لا على نموذجنا التنموي المخجل، و لا على ثرواتها المنهوبة، لقد أصبحنا نخاف أن نأكل و نشرب، فكل ما نقتنيه من مواد غذائية مغشوش أو به مواد سامة تهدد أغلى ما نملك…صحتنا”.
وأشار بنعمر، إلى اقتراح، حينما قال “إما أن يؤخذ تقرير جطو بالجدية المطلوبة، ويقدم كل من له يد أو مسؤولية في هذا الخراب للعدالة، أو يحل مجلس جطو ونعفى من تقاريره السنوية. في كلتا الحالتين سنربح بالقضاء على المفسدين والفاسدين، أو بإسكات مجلس جطو، هذا الصوت المزعج والمكلف ماليا دون فائدة، وسنبقى كما كنا في “دار غفلون” لا نعلم شيئا عن ما يحاك ضدنا من جرائم فساد..حتى نمشيو فيها دون أن نعرف منين جات الدقة”.
وفي وسط سيل جارف من الغضب على تقارير جطو، علقت ناشطة فيسبوكية، في تدوينة قصيرة، تتساءل فيها بكتابة، “وماذا بعد يا جطو؟ كيف يمكن لتقاريرك الخروج من مكتبك لتصل إلى المحاكم ليحاسب الفاسدون؟ أم أن للفساد أسوارا عالية أكثر من القانون؟”.
جطو يدافع عن نفسه
قبل إصدار التقرير، وبعد رفعه إلى الملك محمد السادس، أصدر جطو بلاغا، يدافع فيه عن نفسه، من قصور مجلسه في تحريك سيف المحاسبة ضد المفسدين، الذين يغازلهم لتقاريره، إذ أوضح أن التقرير السنوي المتعلق بأنشطة المحاكم المالية بخصوص 2018 ، رفع إلى صاحب الجلالة، من قبل الرئيس الأول للمجلس، وذلك تطبيقا لمقتضيات الفصل 148 من الدستور، والمادة 100 من القانون رقم 99.62 المتعلق بمدونة المحاكم المالية. كما تم توجيه هذا التقرير، بعد ذلك، إلى رئيس الحكومة ورئيسي مجلسي النواب والمستشارين.
وأضاف بلاغ جطو ذاته، أن هذا التقرير يعد ثمرة إنجاز المهام المسطرة من قبل المحاكم المالية، إذ عرفت 2018 برمجة لأعمال المجلس والمجالس الجهوية تتعلق بمختلف الاختصاصات الموكولة لها، من اختصاصات قضائية تتوخى التأكد من احترام الضوابط الجاري بها العمل ومعاقبة كل إخلال بها عند الاقتضاء، واختصاصات غير قضائية متعددة تركز من خلالها المراقبات المنجزة على مدى نجاعة وفعالية العمليات المالية للأجهزة العمومية وكذا تحقيق الأهداف المنتظرة من البرامج والسياسات العمومية.
وأما في ما يتعلق بتحريك المتابعات ضد المفسدين، فقد أشار جطو إلى أن النيابة العامة لدى المحاكم المالية، أحالت 114 متابعا على هذه المحاكم في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، كما أحال الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى للحسابات ثماني (8) قضايا تتعلق بأفعال قد تستوجب عقوبة جنائية على رئاسة النيابة العامة.