تراجع عالمي في أسعار النفط يُبشّر المغاربة بانخفاض وشيك للمحروقات وفي التفاصيل، تعيش سوق المحروقات في المغرب حالة ترقب واسعة بعد المؤشرات القوية على قرب تسجيل انخفاض ملموس في أسعار النفط خلال الأيام المقبلة، تماشياً مع الهبوط الحاد الذي تشهده أسعار النفط في الأسواق العالمية، والذي يُعد الأكبر منذ عام 2021.
ويعود هذا الانخفاض، بحسب خبراء الأسواق، إلى تداعيات قرار الولايات المتحدة الأمريكية برفع الرسوم الجمركية، إضافة إلى مخاوف متصاعدة من ركود اقتصادي عالمي، وتراجع الطلب على النفط. وقد بلغت أسعار خام برنت، الذي يُعتمد عليه في الاستيراد بالمغرب، إلى حدود يوم أمس، أقل من 60 دولاراً للبرميل، وسط توقعات باستمرار الهبوط ليصل إلى حدود 40 دولاراً للبرميل في حال حافظت دول “أوبك+”، وعلى رأسها روسيا، على مستويات الإنتاج الحالية.
وفي تصريح لجريدة “ليكونوميست”، أكد أحد أعضاء “تجمع النفطيين المغاربة” – الذي يضم كبريات شركات توزيع المحروقات بالمملكة – أن محطات الوقود ستشهد في الأيام المقبلة انخفاضاً مهماً في الأسعار، موضحاً أن هذه التغييرات في الأسعار ترتبط بشكل أوتوماتيكي بتقلبات السوق الدولية.
لكنه في المقابل شدد على ضرورة مراعاة عوامل أخرى تتحكم في تحديد أسعار البيع بالتجزئة، مثل المخزون المتوفر لدى الشركات، وكلفة النقل والتوزيع، إضافة إلى الضرائب والرسوم الجمركية المفروضة، مما قد يؤثر على توقيت ومدى انعكاس الانخفاض العالمي على الأسعار المحلية.
ورغم هذه التصريحات، فإن الشارع المغربي ما يزال متوجساً من نوايا شركات التوزيع، في ظل “أزمة ثقة” متجذرة منذ قرار تحرير أسعار المحروقات سنة 2015، إبان حكومة عبد الإله بنكيران. هذا القرار، بحسب مراقبين، فتح الباب أمام اتهامات متكررة لشركات التوزيع بتحقيق “أرباح فاحشة”، نتيجة عدم التزامها بنقل الانخفاضات الدولية بشكل فوري وشفاف إلى أسعار المستهلك.
وفي هذا السياق، صرح الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز ورئيس الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول، أن شركات التوزيع تستمر في جني أرباح غير مبررة على حساب المستهلك المغربي. واستند اليماني في تصريحاته إلى معطيات محينة للأسعار الدولية وصرف الدولار، مشيراً إلى أنه، وفق قاعدة احتساب الأسعار المعمول بها قبل التحرير، لا ينبغي أن يتجاوز سعر لتر الغازوال حالياً 9.73 دراهم، وسعر لتر البنزين 11.12 درهماً.
وبناء على هذه التقديرات، فإن الشركات تحقق أرباحاً تصل إلى درهمين عن كل لتر واحد، ما يعمّق الجدل القائم حول مدى شفافية القطاع وقدرة السلطات على مراقبة هامش الربح وضمان حماية القدرة الشرائية للمواطن.
وفي ظل هذه التطورات، تبقى الأنظار متجهة إلى الأيام المقبلة لرصد مدى التفاعل الحقيقي لشركات التوزيع مع الانخفاض العالمي للأسعار، وهل سيكون المستهلك المغربي هذه المرة على موعد فعلي مع تخفيضات ملموسة، أم أن “الأرباح الفاحشة” ستستمر في فرض منطقها؟
التعاليق (0)