بقلم: جعفر الحر
في إطار ما يسميه عبد المجيد تبون لقاءات صحفية مع الصحافة الوطنية، بدأ الرئيس الورقي الذي يمثل الواجهة المدنية لنظام عسكري يسيطر على مقاليد الحكم في الجزائر، حواره بالقول أنه لا توجد طابوهات في حواره، ويطلق بعدها العنان لسلسلة من الأكاذيب المفضوحة التي يعرفها الداني والقاصي، الجزائري والأجنبي، المختص والعامي، سواء فيما يخص الوضع الداخلي سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، أو فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية.
كذب تبون بخصوص وجود معتقلين للرأي بالجزائر ونفى بالمطلق أن يكون هناك معتقل واحد، بينما وقبل أيام قليلة فقط وجهت منظمة العفو الدولية عريضة لتبون نفسه تطالبه بإطلاق سراح سجناء الرأي بالجزائر، خصوصا وأن 40 منهم بدأوا إضرابا جماعيا عن الطعام احتجاجا على تهم زائفة ضد ممارسة حريتهم في التعبير، وذكرت من بينهم بالاسم محمد تدجديت وعبد الله بن نعوم ومالك الرباحي، وهو الأمر الذي أكدته منظمة مراسلون بلا حدود التي أفادت أن من بين هؤلاء المعتقلين عدد كبير من الصحافيين.
نفس الأمر تؤكده منظمات حقوقية محلية ك“اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين”، التي أحصت أكثر من 300 معتقل رأي في البلاد، وهو ما يفضح كذب الرئيس الصوري للجزائر الذي يناقض نفسه ويعتبر أن انتقاد الجيش ممنوع، وانتقاد المؤسسات الحاكمة ممنوع، وفضح الوضع الاقتصادي ممنوع، والاحتجاج ممنوع، وحرية التعبير ممنوعة، ووو..، بدعوى أن ذلك يزعزع استقرار البلاد، ويقول أنه لا يوجد طابوهات، ويسعى لإقامة ديمقراطية حقيقية وليست ديمقراطية واجهة، وهو نفسه واجهة لطغمة عسكرية استبدادية دموية.
كذب تبون أيضا بخصوص الوضع الاقتصادي، عندما أصبغ عليه لونا ورديا وأطلق العنان لوعود رنانة للشباب الجزائري وللمستثمرين، هي نفسها التي رددها أثناء حملته الانتخابية سنة 2019 وبقيت حبيسة جوفه، ومن يرى الطابورات في انتظار قارورة غاز أو أربع حبات من بطاطا أو نصف لتر من الحليب او حفنة من العدس، والتي أصبحت جزءا من المعيش اليومي للجزائريين، يتأكد أن تبون أفاك و خراص، وأن الوضع الاقتصادي مزري و يسير نحو الهاوية والإفلاس، وهو ما أكده تقرير البنك الدولي الأخير الذي تنبأ بوقوع زلزال اقتصادي نتيجة عدم وضوح الرؤية والمستقبل المجهول للاقتصاد الجزائري.
وفي الشق الخارجي لم يجد عبد المجيد تبون الشجاعة للجواب عن سؤال حول ما هي الأسباب الحقيقية وراء تأجيل عقد القمة العربية لأجل غير مسمى، والانتقادات الحقيقية للدول العربية التي زارها وزير خارجيته رمطان لعمامرة مما جعله يرجع بخفي حنين من عواصمها، وهما نفس الخفين اللذين عاد بهما تبون نفسه من القاهرة ومعهما صدمة كبيرة، واكتفى بجواب ضبابي واحتمال انعقاد المؤتمر في الثلث الأخير من السنة حسب ما تراه لجنة وزراء خارجية الدول العربية مناسبا، جواب في أحشاءه لغم.
ومن المثير للضحك الهستيري و للشفقة كذلك جواب تبون حول علاقة قصر المرادية بفرنسا الذي اعتبرها مستقرة بعد الاهانات التي وجهها ماكرون للجزائر التي اعتبرها لم تكن في يوم من الأيام أمه، وعنتريات النظام الجزائري الذي طالب بالاعتذار وإلا ..، وبعدها هرول تبون ونظامه للارتماء في أحضان ماما فرنسا من جديد، بل إن تبون قال إنه لا يريد الإطالة في الجواب على هذا السؤال لأن فرنسا تعرف استعدادات للحملة الانتخابية المرتقبة ولا يريد التأثير على مسارها، إنها القوة الضاربة والمؤثرة أيها السادة.
أخير وليس آخرا، عاد تبون الأفاك لممارسة هوايته المفضلة وهي مهاجمة المغرب وتعليق فشله على شماعة المغرب، متهما إياه أنه يدير حملة بروباغندا للإضرار بالجزائر خصوصا بعد التقارب المغربي الإسرائيلي، متجاهلا الحقائق الساطعة والتي أكدها وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في حوار صحفي مؤخرا، قال فيه أنه وبعد عدم تجاوب الجزائر مع سياسة اليد الممدودة من طرف النظام المغربي، لم تعد الرباط تهتم بالأمر الجزائري، وأنها ملتزمة كما كان الشأن دائما بحسن الجوار وعدم التدخل أو الإضرار بأي دولة.
في النهاية نسائل رئيس الجزائر ومحاوريه من الصحفيين، في إطار عدم وجود طابوهات للحوار، لماذا لم تتطرقوا لتسريبات قرميط بونويرة، السكرتير الخاص السابق والصندوق الأسود لقائد أركان الجيش الجزائري السابق الراحل أحمد قايد صالح من داخل سجنه شديد الحراسة في البليدة، والتي فضح فيها حقيقة قائد أركان الجيش الجزائري الحالي السعيد شنقريحة، واتهمه بالوثائق والوقائع أنه على علاقات بالجماعات الارهابية وتجار المخدرات وتجارة الأسلحة، وما هو مآل بونويرة بعد هذه التسريبات والحكم عليه بالإعدام بسرعة؟
نخاف ألا يستطيع يوما تبون الخروج بأنفه عبر باب قصر المرادية و هذا يذكرنا ببطل رواية “مغامرات بينوكيو” للكاتب الإيطالي كارلو كولودي،
الذي لا توجد قيود على طول أنفه، فأنف بينوكيو يزداد طولا كلما روى الأكاذيب وينمو لفترة طويلة لدرجة أنه لا يستطيع الخروج به عبر باب غرفته..فمن منكم لاحظ نمو طول انف تبون منذ تنصيبه من طرف الطغمة العسكرية رئيسا على الجزائريين؟